واستدعىٰ إليه أبا طلحة الأنصاري فقال له : يا أبا طلحة، إنَّ الله طالما أعزَّ بكم الإسلام، فاختر خمسين رجلاً من الأنصار حاملي سيوفكم، وخذ هؤلاء النفر بإمضاء الأمر وتعجيله، واجمعهم في بيتٍ واحد، وقم علىٰ رؤوسهم، فإنَّ اجتمع خمسة وأبىٰ واحد فاشدخ رأسه بالسيف، وإن اتَّفق أربعة وأبىٰ اثنان فاضرب رؤوسهما، وإن رضي ثلاثة فانظر الثلاثة الذين فيهم عبدالرحمٰن بن عوف، واقتلوا الباقين إن رغبوا عمَّا اجتمع فيه الناس، وإن مضىٰ الستَّة ولم يتَّفقوا علىٰ أمر، فاضرب أعناق الستَّة، ودع المسلمين يختاروا لأنفسهم..
هذا هو مبدأ الشورىٰ الذي أراده عمر، ولنرىٰ كيف تمَّ الإتِّفاق..
ولمَّا خرج عليٌّ عليهالسلام والجماعة من البيت بانتظار الموعد المعيَّن، ما لبث أن جاءه عمُّه العبَّاس يسأله عمَّا جرىٰ، فقال : « عدلتْ عنَّا »! فقال : وما علمك؟
قال : « قرن بي عُثمان، وقال : كونوا مع
الأكثر، فإن رضي رجلان رجلاً ورجلان رجلاً، فكونوا مع الذين فيهم عبدالرحمٰن، فسعد لا يخالف ابن عمِّه، وعبدالرحمٰن صهر عُثمان لا يختلفون، فيولِّيها أحدهما الآخر، فلو كان الآخران معي لم ينفعاني »..
ومضىٰ يقصُّ علىٰ عمِّه أحداث الشورىٰ وتفاصيلها، حتىٰ ملكته الدهشة لما سمع.. فقال له العبَّاس : إحذر هؤلاء الرهط، فإنَّهم لا يبرحون يدفعوننا عن هذا الأمر حتىٰ يقوم به غيرنا، وأيم الله لا يناله إلَّا بشرٌ لا ينفع معه خير! فقال عليٌّ عليهالسلام : « أمّا لئن بقي
عُثمان لأذكِّرنَّه ما أتىٰ، ولئن مات ليتداولُنَّها بينهم، ولئن فعلوا لتجدنِّي
حيث