يكرهون » (١).
ولمَّا اجتمعوا تكلَّم أمير المؤمنين عليهالسلام، فقال : « الحمد لله الذي بعث محمَّداً منَّا نبيَّاً، وبعثه إلينا رسولاً، فنحن بيت النبوَّة، ومعدن الحكمة، وأمان أهل الأرض، ونجاة لمن طلب، لنا حقٌّ إن نُعْطَه نأخذه، وإن نُمْنَعْه نركبْ أعجاز الإبل ولو طال السُّرىٰ، لو عهد إلينا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عهداً لأنفذنا عهده، ولو قال لنا قولاً لجادلنا عليه حتىٰ نموت، لن يسرع أحد قبلي إلىٰ دعوة حقٍّ وصلة رحم، لا حول ولا قوَّة إلَّا بالله، اسمعوا كلامي وعوا منطقي، عسىٰ أن تروا هذا الأمر بعد هذا المجمع تُنتضىٰ فيه السيوف، وتُخان فيه العهود، حتىٰ تكونوا جماعة، ويكون بعضكم أئمة لأهل الضلالة وشيعة لأهل الجهالة » ثُمَّ قال :
فإن تكُ جاسمٌ هلكتْ فإنِّي |
|
بما فعلتْ بنو عبد بن ضخمِ |
مطيعٌ في الهواجرِ كلَّ عيٍّ |
|
بصيرٌ بالنَّوىٰ من كلِّ نجمِ (٢) |
ومهما كان الحال، فقد جاء في سائر التواريخ أنَّ أوَّل عمل قام به طلحة أن أخرج نفسه منها، ووهب حقَّه فيها لعثمان بن عفَّان، كرهاً منه لعليِّ بن أبي طالب عليهالسلام، وأدرك الزبير النوايا المبيتة من طلحة، فثارت في نفسه نزعة القرابة التي تشدُّه إلىٰ عليٍّ عليهالسلام، فقال : وأنا أُشهدكم نفسي أنِّي قد وهبت حقِّي في الخلافة لعليِّ بن أبي طالب، فوقف سعد بن أبي وقَّاص وقال : لقد وهبت حقِّي لعبد الرحمٰن بن عوف، «وبقي في الساحة ثلاثة كلُّ واحدٍ منهم يمثِّل اثنين» فقال عبدالرحمٰن لعثمان وعليٍّ عليهالسلام : أيُّكما يخرج منها للآخر؟ فلمَّا
_______________________
١) الكامل في التأريخ / ابن الأثير ٢ : ٤٦١ ط. دار الكتب العلمية.
٢) تاريخ الطبري ٤ : ٢٣٧، الكامل في التاريخ ٢ : ٤٦٦.