لم يجد منهما جواباً، أخرج نفسه منها علىٰ أن يجعلها في أفضلهما.
وعرض علىٰ كلٍّ منهما أن يتولَّىٰ الأمر من يؤثر الحقَّ ولا يتَّبع الهوىٰ، ولا يخصُّ ذا رحمِ ولا يألو الأُمَّة نصحاً، فوافق كلٌّ منهما علىٰ هذه الشروط.. لكنَّه ـ وبعد أن أحرجه الإمام بقبول الشروط ـ خلا عبدالرحمٰن بسعد بن أبي وقَّاص، فأدرك عليٌّ عليهالسلام أنَّهما إنَّما يريدان مخرجاً يسهِّل لهما أن يُعطوا الخلافة لعثمان ؛ فقال أمير المؤمنين لسعد : « ( وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ) (١)، أسألك برحم ابني هذا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم، وبرحم عمِّي حمزة منك أن لا تكون ظهيراً لعبد الرحمٰن »..
ويبدو من هذا الاتِّفاق أنَّهم خرجوا بشرط جديد يُحرِج عليَّاً عليهالسلام، ولا يمكن له أن يقبله، وبذلك تكون البيعة لعثمان بن عفَّان، فقال عبدالرحمٰن لعليٍّ عليهالسلام : عليك عهد الله وميثاقه، لتعملن بكتاب الله وسُنَّة رسوله وسيرة الشيخين من بعده، قال الإمام : « أعمل بكتاب الله وسُنَّة نبيِّه وبرأيي، فيما لا نصَّ فيه من كتابٍ أو سُنَّة »، ودعا عُثمان فقال له مثل ما قال لعليٍّ عليهالسلام فوافق عليها، وقال : نعمل نعمل، فرفع رأسه إلىٰ سقف المسجد، ويده في يد عُثمان فقال : اللَّهمَّ اسمع واشهد، اللَّهمَّ إنِّي قد جعلت ما في رقبتي من ذلك في رقبة عُثمان، فبايعه، وبهذا النحو الذي شهدناه تمَّت البيعة لعثمان، وحسب التخطيط الذي أراده عمر بن الخطَّاب.
وعقّب الأُستاذ هاشم معروف الحسني علىٰ قصَّة الشورىٰ هذه بقوله : «أقول ذلك وأنا علىٰ يقين بأنَّ عليَّاً لو وافقهما علىٰ الشرط الأخير، لوضعا
_______________________
١) سورة النساء : ١.