لعثمان : «لِمَ فررتَ يوم أُحد، وتخلَّفت عن بدر، وخالفت سُنَّة عمر؟» (١).
ولمَّا طالبت الجماهير المنتفضة عُثمان بعزل الولاة الفاسدين، واستبدالهم بولاةٍ صالحين، أبىٰ ذلك، فعزل أهل الكوفة سعيد بن العاص الأموي ورشحوا أبا موسى الأشعري، لكن عثمان أقرّ سعيداً ولم يعزله، وهكذا كان الأمر في بعض الولايات الاسلامية الاخرى بسبب ما لاقاه الناس من الولاة من جورٍ وفساد، وحينئذٍ عادوا وطلبوا من عثمان، أن يعزل نفسه، حينها قال عُثمان : «ما كنت لأخلع سربالاً سربلنيه الله» (٢)، فجعل أمر الخلافة هبةً من الله تعالىٰ، ولا يمكن له أن ينزعها، وليس من حقِّ الأُمَّة أيضاً أن تثور عليه وتنزع الخلافة منه!
رأىٰ عُثمان أنَّ الأُمَّة كلَّها ضدَّه وسوف لا تتركه حتى يستجيب لارادتها، ولم يرَ ناصحاً في هذه الأيَّام الشديدة من حياته غير الإمام عليِّ بن أبي طالب عليهالسلام، حينها أجتمع الناس إلىٰ الإمام عليهالسلام وبيَّنوا له فساد الأمر بيد عُثمان، فنهض الإمام عليهالسلام ليكلِّم الخليفة وينصحه، فقال له : « إنَّ الناس ورائي، وقد استسفروني بينك وبينهم، ووالله ما أدري ما أقول لك! ما أعرف شيئاً تجهله، ولا أدلُّك علىٰ أمرٍ لا تعرفه، إنَّك تعلم ما نعلم، وما سبقناك إلىٰ شيءٍ فنُخبرك عنه، ولا خلونا بشيء فنبلِّغكه، وقد رأيتَ كما رأينا، وسمعتَ كما سمعنا، وصحبت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كما صحبنا..
وما ابن أبي قحافة ولا ابن الخطَّاب بأولىٰ بعمل الحقِّ منك، وأنت
_______________________
١) سير اعلام النبلاء (الخلفاء الراشدون) : ١٨٦.
٢) تاريخ الطبري ٤ : ٣٧١.