لكنَّ أمير المؤمنين عليهالسلام أمر ولديه الحسن والحسين عليهماالسلام بحمل سيفيهما والذود عن عُثمان يمنعان الناس عنه..
وذهب عليهالسلام إلىٰ طلحة ـ وكان هو الذي قد منع الماء عن عُثمان مع جماعة حوله ـ متناسياً كلَّ ما حدث من عُثمان، فقال له : « يا طلحة، ما هذا الأمر منك الذي وقعت فيه »؟!
قال : «يا أبا الحسن، بعد ما مسَّ الحزام الطُّبْيَين» (١).
فقدم الإمام عليهالسلام بيت المال، وكسر الباب وأعطىٰ الناس، فانصرفوا عن طلحة حتىٰ بقي وحده! فسُرَّ عُثمان بذلك ودخلت عليه الروايا بالماء.
ونقل الطبري وابن الأثير في تاريخيهما (٢)، قول عُثمان بشأن طلحة : «هذا ما أمر به طلحة بن عبدالله، اللَّهمَّ اكفني طلحة، فإنَّه حمل عليَّ هؤلاء وألَّبهم عليَّ، والله إنِّي لأرجو أن يكون منها صفراً، وإنَّ يُسفك دمه! إنَّه انتهك منِّي ما لا يحلُّ له!».
أمَّا المصريون الذين كلَّمهم عليٌّ عليهالسلام ورجعوا، فبينما هم في بعض الطريق رأوا راكباً أمره مريب، فأخذوه وفتَّشوه، فإذا هو غلام عُثمان يحمل كتاباً بختم عُثمان الىٰ عبدالله بن سعد أن يفعل بهم ويفعل! وكان مروان هو الذي زوَّر هذا الكتاب (٣).
فرجعوا وشدَّدوا الحصار علىٰ عُثمان، بعد أن خيَّروه بين ثلاث : أن
_______________________
١) الكامل في التاريخ ٣ : ٥٦. وقوله «مسّ الحزام الطُّبْيَين» كناية عن المبالغة في تجاوز حدّ الشرّ والأذى، لأن الحزام إذا بلغ الطبيين فقد انتهى إلىٰ أبعد غاياته. فالطُّبي حلمة الضرع / لسان العرب (طبي).
٢) تاريخ الطبري : ٤ : ٣٧٩، الكامل في التاريخ ٣ : ١٦٧.
٣) انظر : الخلفاء الراشدون من تاريخ الاسلام للذهبي : ٤٥٨.