أصولهم المحكمة للأخذ بالحديث والاعتماد عليه والاحتجاج به.
والذي يزيد في التعجب أنّ هذا الخلاف المحدث من جانب هؤلاء ليس في دعوى وقوع التحريف من جانب وإنكاره من جانب آخر ، بل في العمل على إلصاق تهمة التحريف بالشيعة بسبب هذه الروايات المشتركة في مصادر الجميع ، ثمّ العمل على تصوير الشيعة بصورة مشوَّهة ، مع أنّهم طائفة تعتقد عقيدة مؤمنة بالكتاب وصيانته عن التحريف ، وتدافع عن كرامته بالأدلّة القاطعة والبراهين الساطعة ، وينكرون التحريف أشدّ الإنكار بأعمالهم وعباداتهم وكلّ سيرتهم العمليّة وبأقوالهم وتصريحات علمائهم ورجالاتهم ، والجميع يعلم أنّ تمسّكهم بالكتاب واعتقادهم بصيانته أضوء وأنور من الشمس في رائعة النهار.
وأعجب من ذلك أنّ مثل هذه الروايات من طرق إخواننا السنّة الصحيحة عندهم كثيرة جدّاً ، ولو جاز نسبة القول با التحريف إلى إحدى الطائفتين دون الاُخرى بسبب نقل مصادرها لمثل هذه الأحاديث لكان نسبته إلى غير الشيعة أولى ؛ لأنّ في الأخبار المخرّجة في كتب غيرهم ما يعتبر عندهم من الصحاح دون ما ورد من طرق الشيعة ، فإنّها ضعاف ، مضافاً إلى أنّ أكثرها ورد في تفسير الآيات وبيان مصاديقها وشأن نزولها ، ولا ارتباط لها بالتحريف ، ولكن مع ذلك لم يقابل الشيعة غيرهم بالقول بالتحريف لما في جوامعهم ومسانيدهم من الأخبار الصريحة الدالّة عليه.