وتواصلت تأكيدات النبيّ صلىاللهعليهوآله بعد حديث الدار في مناسبات عديدة ، كان منها حديث الثقلين ، وكان منها تحديد من خم أهل بيته الّذين أذهب الله عنهم الرجس ... ثمّ كان أوجها أن أخذ البيعة من المسلمين لعليّ في حجة الوداع في مكان يدعى غدير خم .. وقد روت ذلك مصادر الفريقين أيضاً ، وألّف أحد العلماء الشيعة كتاب (الغدير) من عدة مجلّدات في جمع أسانيده وما يتعلّق به.
من مباحث أصول الفقه عند الشيعة والسنّة : مسألة تعارض الأحاديث مع القرآن ، وتعارض الأحاديث فيما بينها. وفي كلتا المسألتين يتشدّد الشيعة في ترجيح القرآن أكثر من إخوانهم السنّة ، فعلماء السنّة مثلاً يجوّزون نسخ آيات القرآن بالحديث حتىّ لو رواه صحابي واحد .. ولذلك صحّحوا موقف الخليفة أبي بكر السلبي من فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، حيث صادر منها (فدك) الّتي نحلها إيّاها النبيّ صلىاللهعليهوآله وكانت بيدها في حياة أبيها ، ثمّ منعها إرثها من أبيها صلىاللهعليهوآله بدعوى أنّه سمع النبيّ يقول : (نحن معاشر الأنبياء لا نوّرث) ، فما تركه النبيّ يكون صدقة بيد الدولة .. واحتجّت عليه فاطمة الزهراء بالقرآن وقالت له ـ كما روى النعماني المغربي ـ : يابن أبي قحافة أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي ..؟! لقد جئت شيئاً فَرِياً(١) ، فقال علماء السنة : إنّ
__________________
(١) شرح الأخبار ، ج ٣ ، ص ٣٦.