لما يتعقّبه من قوله : (لا يأتيهِ الباطل مِنْ بينِ يَدَيْهِ ولا منْ خلفهِ).
وقول : (لا يأتيهِ الباطل مِنْ بينِ يَدَيْهِ ولا منْ خلفهِ) إتيان الباطل إليه ووروده فيه وصيرورة بعض أجزائه أو جميعها باطلاً بأن يصير ما فيه من المعارف الحقّه أو بعضها غير حقّه أو ما فيه من الأحكام والشرائع وما يلحقها من الأخلاق أو بعضها لغىً لا ينبغي العمل به.
وعليه فالمراد بقوله : (مِن بينِ يَديْهِ ولا مِن خلفِهِ) زماناً الحال والاستقبال أي زمان النزول وما بعده إلى يوم القيامة ، وقيل : المراد بما بين يديه ومن خلفه جميع الجهات كالصباح والمساء كناية عن الزمان كلّه فهو مصون من البطلان من جميع الجهات ... إلى أن قال : فالآية تجري مجرى قوله : (إنّا نحنُ نزّلنَا الذِّكرَ وإنّا لهُ لَحافِظونَ). (١)
فالآية تدّل على عدم ورود الباطل في القرآن ، وعدم إمكان تبديل الآيات بما هي غير آيات ، فالتحريف من أكمل مصاديق الباطل ، فإذا انتفى ورود الباطل فيه انتفى ورود التحريف في القرآن.
وقال أيضاً :
(إنّ من ضروريات التاريخ أنّ النبيّ العربي محمد صلىاللهعليهوآله جاء قبل أربعة عشر قرناً ـ تقريباً ـ وادّعى النّبوة وانتهض للدعوة وآمن به أمّة من العرب وغيرهم ، وأنّه جاء بكتاب يسمّيه القرآن وينسبه إلى ربّه
__________________
(١) الميزان في تفسير القرآن ، ج ١٧ ، ص ٤٢٤.