ومما مر تعرف أن الوجه الأول أقرب احتمالا ومحتملا ، كما تعرف ضعف ما عداه خصوصا الأخير ، لأن القضاء إذا لم يتوقف على الحلف فقضى الحاكم وتمَّ القضاء فلا معنى لسلطنة كل منهما بعد الفصل والانفصال على إحلاف صاحبه.
هذا ، ثمَّ ان الأصحاب ذكروا في كتاب الصلح مسائل ربما يتخيل مشابهتها لما نحن فيه ، كلها على خلاف القاعدة ثبت بالدليل من النص :
منها ـ لو كان لواحد ثوب بعشرين درهما وللآخر ثوب بثلاثين ثمَّ اشتبها. قالوا : فان خير أحدهما صاحبه فقد أنصفه وان تعاسرا بيعا وأقسما بينهما وأعطى صاحب العشرين سهمين من خمسة وللآخر ثلاثة.
ومنها ـ ما أشير إليه من الدينار المشتبه بين الاثنين عند الودعي ، بأن أودعه إنسان در همين وآخر درهما وامتزج الجميع ثمَّ تلف درهم. قالوا : ان صاحب الدرهمين يأخذ درهما ونصفا من الأخر.
ومنها ـ ما لو كان مع اثنين درهما وادعاهما أحدهما وادعى الأخر أحدهما كان لمدعيهما درهم ونصف وللآخر ما بقي.
( أما المسألة الأولى ) فهي وان كانت مخالفة للقواعد لعدم صيرورة الثوبين بمجرد الاشتباه مشتركا بينهما حتى يتشاركا في ثمنهما بنسبة ما كان لهما مع عدم الاشتباه ، فلا بد من استعمال القرعة قاعدة مع عدم التداعي ومعه من استعمال موازين القضاء. إلا أنها لا مساس لها بالمقام حتى يستنبط حكمه مما ذكروه هناك ، لأنها في تلك المسألة ما تداعيا عينا في يدهما كما لا يخفى.
( وأما المسألة الثانية ) فهي أيضا غير مربوطة بالمقام : اما لان يد الودعي ليست يدا للمستودعين ، أو لأن للودعي على كل منهما يد واحدة يعلم كونها من جانب أحدهما دون الأخر ، فيده على كل واحد من الدرهمين يد نيابة عن