وإيقاف القضاء حتى يحضر البينة ، لأن البينة قبل إحراز سلامتها عن الجارح لا تصلح حجة للمدعي فليس له حق يجب مراعاته.
ودعوى إحراز السلامة بحكم الأصل. غير نافعة ، لأن التمسك بالأصل إنما ينفع في الدعاوي مع وجود المقتضى ، وعدم المعارض هنا جزء للمقتضي.
وأما مع عدم المقتضي فلا اعتداد به ، لان الشارع جعل للقاضي موازين غير الأصول كالبينة ونحوها ، فلا يجوز له إهمال دعوى أحد إلا بعد وجود بعض تلك الموازين ، فقبل وجوده يجب عليه التوجه الى الدعوى وعدم الالتفات الى كونها مخالفة للأصل. والا فكل دعوى مخالفة فيلزم أن لا يجاب المدعى من إحضار خصمه ولا الالتفات الى سماع قوله لأصالة عدم الحق وأصالة عدم البينة ونحوهما ، مع أنه ضروري البطلان ، وليس ذلك الا لوجوب إهمال الأصول على القاضي والنظر الى ما دل على وجوب طي الدعاوي بالموازين المعهودة.
ولا كذلك إذا وجد الميزان وأقيمت البينة ، فإنه بعد وجوده لا عذر للقاضي في القضاء غير احتمال وجود معارض ، وهو من قبيل المانع يدفع بالأصل كسائر المقامات.
ومما ذكرنا يظهر أنه لا يرد أن يقال : ان الأصل حجة شرعية ، سواء كان في مقام رفع المانع أو تكميل المقتضي. ووجه عدم الورود ان اتكال القاضي في تحصيل المقتضي بالأصل مناف لما دل على وجوب سماع الدعاوي وفصلها بالموازين ، لان مقتضى وجوب السماع عدم الالتفات إلى أصالة عدم حقيقة الدعوى ، ومقتضى جعل الموازين عدم استناد الفصل الى غير تلك الموازين ، فحيث توقف القضاء على ما ليس بميزان له الا بمؤنة الأصل لم يجز ذلك له.
بخلاف ما لو توقف على ما هو ميزان له في نفسه ، فإنه يجب لوجود المقتضي