ويمكن دفع الإشكال الأول بأن المراد بتلقي الوقف من الواقف في مسألة الإجارة غير المراد به في المقام وأمثاله ، لأن المراد به في باب الإجارة عدم كون الوقف منتقلا من البطن الأول الى الثاني نحو انتقال الإرث ، وهو حق سواء قلنا بأنهم يلقون من الواقف أو من البطن الأول ، إذ خروج الوقف من ملك الأول ودخوله في ملك الثاني على القول بتلقيهم من الأول ليس على نحو تلقي الإرث من المورث ، لان المورث يترك ماله للوارث بجعل الله تعالى وحكمه بخلاف البطن الأول فإنهم يتركون الوقف للبطن الثاني بجعل الواقف.
وان شئت قلت : ان زوال ملكية المورث عن التركة ودخولها في ملك الوارث ليس لأجل قصور في ملكية التركة للمورث ونقصان فيها بل لأجل قصور في المالك لان الميت لا يملك ، بخلاف زوال ملكية الوقف للبطن الأول فإنه لأجل نقصان وقصور في نفس الملك دون المالك ، وان كان هو أيضا قاصرا باعتبار الموت.
وأما المراد به في المقام وأمثاله فهو معنى آخر ، وهو أن يكون الوقف داخلا في ملك البطن الثاني في عرض دخوله في ملك البطن الأول ، من غير فرق الأمن حيث تقدم زمان ملكهم على زمان ملك الثاني ، فيكون المراد التلقي من البطن الأول في مقابل هذا المعنى ، وهو أن يكون الواقف داخلا في ملك الثاني مترتبا على دخوله في ملك الأول.
وبعبارة أخرى : التلقي من الوقف مرجعه الى أن الواقف ملّك العين برهة من الزمان البطن الأول وبرهة البطن الثاني وهكذا ، لا بمعنى تجديد أصل الملك ، فان الملك لا يعقل تجديده ، بل بمعنى جعل الزمان قيدا للمملوك. فالعين المقيدة بكونها خمسين سنة مملوكة للبطن الأول والمقيدة بخمسين بعده مملوكة للثاني وهكذا. نظير تقييد المنفعة ، فإن من يملك منفعة سنة من الدار فإن جعل الملك