كونه من موارد القضاء بالتنصيف وهو باطل ، إذ على تقدير عدم اعتبار الأكثرية في الحكم بالقرعة يكون وجودها كعدمها ، فيكون مثل صورة التساوي الذي حكم فيه بالقرعة ، فلا معنى للقضاء بالتنصيف أيضا. فتأمل. وللإجماع على عدم القضاء بالتنصيف مع كون احدى البينتين أكثر ، فإن الاحتمال فيه دائر بين الحكم للأكثر أو القرعة.
وأما الترجيح بالأعدلية فيدل عليه روايتان :
إحداهما ـ رواية البصري المتقدمة : كان علي عليهالسلام إذا أتاه رجلان يختصمان بشهود عدلهم سواء وعددهم سواء أقرع بينهما. فإنها بالمفهوم تدل على اعتبار التساوي في العدل والعدد ، وأنه إذا انتفت المساواة في كل منهما لم يقرع (١). والكلام في أن عدم الإقراع لا يستلزم الترجيح والحكم للأرجح ما مر ، وكذا الكلام في اعتبار مفهوم الصحة أو كونها حكاية عن الحكم في قضية واقعة.
وثانيتهما ـ المرسل المتقدم عن أمير المؤمنين في البينتين يختلفان في الشيء الواحد يدعيه الرجلان انه يقرع بينهما إذا اعتدلت بينة كل واحد منهما (٢).
لان الاعتدال عبارة عن المساواة في جميع ما يعد في العرف مرجحا ، لأنه أمر عرفي ، فيدل عدم الإقراع عند عدم الاعتدال العرفي مطلقا ، ولا ريب أن الأعدلية توجب عدم الاعتدال فلا قرعة ـ الى آخر ما عرفت فيما تقدم من الرد.
وروي عن بعض النسخ « عدلت » مكان « اعتدلت » ، وهو مؤيد بقوله « بينة كل واحد منهما » ، لان الاعتدال لا يتم معناه الا بطرفين ، فكان ينبغي أن يكون هكذا : إذا اعتدل البينتان أو بينة كل منهما مع بينة الأخر.
__________________
(١) الوسائل ج ١٨ ب ١٢ من أبواب كيفية الحكم ح ٥.
(٢) الوسائل ج ١٨ ب ١٢ من أبواب كيفية الحكم ح ١٥.