فإن قلت : معنى ترجيح احدى البينتين على الأخرى هو كون الحجة الفعلية هو ذلك الراجح كما هو كذلك في ترجيح الاخبار بعضها على بعض والا لم يكن ترجيحا للبينة.
قلت : ليس في الأدلة ان الكثرة في البينتين مرجحة حتى يفرع عليه سقوط الأول عن قابلية المعارضة ، وانما الموجود فيها بعد ملاحظة المفهوم عدم القرعة مع وجود الكثرة ، وهذا بنفسه لا يدل على تغليب جانبها أيضا فضلا عن كونها مرجحة كما تقدم ، والقدر الثابت من الإجماع بطلان التنصيف مع وجودها.
وهذا المقدار لا يقضي بكون الكثرة مرجحة لنفس البينة كما في الاخبار ، لاحتمال اختصاص فائدتها بجعل صاحب البينة الراجحة قوي الجانب وكون القول قولها ، فلا دلالة فيها على سقوط الأقل مثلا عن قابلية المعارضة.
وأما كلمات الأصحاب فهي وان كانت في بادئ النظر ظاهرة في ترجيح أصل البينة ، إلا أن التأمل فيها يقضي بخلاف ذلك الظاهر. لان الموجود في كلام جملة منهم أنه يقضي لأكثرهم بينة.
وهذا لو لم يكن ظاهرا فيما ذكرنا ـ أعني كون القول قوله كما يقتضيه الانصاف ـ فليس بظاهر أيضا في سقوط الأقل مثلا عن درجة الاعتبار. نعم في عبارة الشرائع حيث قال « يقضي بأرجح البينتين » ربما يكون بعض الإشعار إلى ترجيح البينة وان القضاء انما هو بالبينة لا باليمين.
وكيف كان فالمتبع هو الدليل ، ولم نجد مساعدته على كون مستند القضاء في صورة الرجحان هو البينة الراجحة دون اليمين.
ثمَّ لو حلف من خرجت القرعة باسمه أو من كان بينته أرجح قضي له وان نكلا ردت اليمين إلى الأخر فإن حلف قضي له وان نكل أيضا قسم بالسوية ،