خامسة ، وهي ما إذا لم يكن لأحد الخارجين بينة ولم يصدق الثالث أحدهما ، فإن الحكم هنا أيضا القضاء بالتنصيف مع العلم الإجمالي بكون العين لأحدهما ومع عدم العلم واحتمال كونها لثالث عدم سماع الدعوى وإيقافها الى أن يقيم أحدهما البينة.
أما القضاء بالتنصيف في الأول فلعدم جواز منعهما من العين لكونه مخالفة قطعية وعدم جواز القضاء بها لأحدهما لكونه ترجيحا بلا مرجح وقضاء بلا ميزان ، وعدم جريان التحالف أيضا لان نسبة الحلف الى كل منهما على حد سواء ، وقد سبق أنه متى كان كذلك لم يصلح الحلف ميزانا للقضاء وانما يصلح ميزانا إذا كان متوجها الى أحدهما المعين خاصة ، فليس مثل البينة في كونها حجة شرعية مسموعة من متعدد ، لأن الحجة الشرعية حجة في إثبات المدعى مع قطع النظر عمن يقيمها ، بخلاف الحلف فإنه ليس حجة شرعية حتى يكون وجوده كافيا في إثبات المدعي ويمكن أن يقيمها الاثنان ، بل هو ميزان للقاضي مشروطا بأمور كوقوعه بعد مطالبة المحلوف له واذن الحاكم وغير ذلك مما لا يعتبر في البينة والحجة الشرعية ، وكونه ميزانا لا يمكن الا مع اختصاصها بأحد المتداعيين.
ومن هنا يظهر فساد ما يتخيل من قياس حلف المتداعيين ببينتهما وانه كما لا يمكن للقاضي الحكم بالبينة المتعارضة ـ ومع ذلك فهو يطالب البينة من كل من المدعيين وجاء اختصاص أحدهما بالبينة فيقضي بها ـ كذلك لا يمكن له القضاء في صورة حلفهما ونكولهما ، لكنه يستحلفهما رجاء حلف أحدهما ونكول الأخر حتى يحصل ميزان القضاء. فلا وجه للقول بعدم كون الحلف إذا كان نسبته الى كل واحد من المتداعيين متساوية ميزانا ، وانه انما يكون ميزانا إذا كان مختصا بأحدهما.