بها من القضاء بالاستصحاب لم يكن لأدلة العمل بالبينة مورد في الأمور الغير المحسوسة ، فمبنى الاخبار بها عرفا على التعويل على بعض الامارات.
نعم لو شهدت البينة بالملك المستصحب ـ بأن كان الاستصحاب من مقومات المشهود به ـ كان جعلها من البينة التي هي من الموازين مشكلة ، ولذا فرق في القواعد بين قوله « لا اعلم له مزيلا » وبين قوله « هذا ملك بمقتضى الاستصحاب » ، فحكم بكفاية الأول دون الثاني.
فإن وجه هذا الفرق هو الذي ذكرنا من أن المدار على صدق الشهادة عرفا ، وأنه إذا شهد بالشيء معولا في شهادته على الاستصحاب أو اليد مثلا يصدق عليه أنه شهد بالمدعى. ولا يقدح فيه التعويل على الامارة الشرعية ، بخلاف ما لو شهدت بالملك الاستصحابى ، فإنه لا يصدق عليه عرفا أنه شهد بالمدعى وهو الملك.
وبالجملة فرق بين تقييد نفس المشهود به بالأمارة كاليد أو الاستصحاب وبين إيقاع الشهادة على الواقع بانيا وتعويلا فيه على الامارة ، فإن الثاني شهادة بالواقع ولو لم تكن عن طريق علمي والثاني بيان واخبار بحكم ظاهري شرعي ، أعني اقتضاء الاستصحاب الملك أو دلالة اليد عليه.
هذا وجه اعتبار الضميمة ، ووجه الفرق بين قوله « لا أعلم له مزيلا » وقوله « هذا ملكه بموجب الاستصحاب » كما ذكره في القواعد.
وأما وجه عدم كفاية قوله « لا أدري زال أم لا » فهو أن مثل هذا القول أيضا يمنع عن صدق الشهادة ، لأن مثل هذا الشخص لا يصدق عليه عرفا أنه شهد بالملك الحالي ، بل العرف في مثله يحكمون بأنه ليس له شهادة في الملك الاتي فضلا عن عدم صدق الشهادة.
ولعل وجهه ما في المسالك وعن الإيضاح من أن هذا القول يكشف عن ريبه في ضمير الشاهد مانعة عن شهادته بالبقاء ولو بملاحظة الاستصحاب.