فإن قلت : يندفع هذا الاحتمال بما لو صرح البينة بأن المدعي اشتراها من مالكه الواقعي ، فلا بد من القبول.
قلت : هذا أيضا لا ينفع ، لأنها حينئذ تنحل الى شهادتين : إحداهما تحقيقية وهي الشهادة بالشراء ، والأخرى تخمينية وهي الشهادة بملكية البائع ، فتكون مثل الشهادة بالشراء من زيد مثلا.
والحاصل ان البينة إذا لم تكن صريحة في السبب الواقعي لم تكن نافعة ، لأن إنكار المدعي حينئذ لا ينحصر وجهه في دعوى المزيل شأنا ، لاحتمال كون إنكاره ناظرا الى تكذيب ملك البائع الذي كانت الشهادة به تخمينية.
نعم لو شهدت البينة على سبب الملك السابق إجمالا بأن يقول انه حصل في السابق سبب الملك للمدعي كانت مسموعة ، إذ لا فرق بين السبب المطلق والمقيد في كون كل منهما مقتضيا للملك في جميع الأزمنة.
الا أن يقال : ان مرجع الشهادة بالسبب المطلق إلى الشهادة بالشراء من المالك الواقعي ، لأن سبب الملك لا يرجع جميع مقدماته الى التحقيق ، بل يحتمل أن تكون الشهادة ببعض مقدماته ـ كملك البائع ـ راجعة إلى التخمين وحينئذ لا يتمحض إنكار المدعي في دعوى المزيل أو دعوى عدم مقدماته المبنية على التحقيق كنفس الإيجاب والقبول ، لاحتمال أن يرجع الى نفي مقدماته التي يحتمل كون الشهادة بها تخمينية ، فلا يصير إنكاره حينئذ باطلا ، لأن الشهادة المبنية على التخمين ليست شهادة بوجود المقتضي فعلا ، لأن الشهادة التخمينية شهادة بالمسبب لا بالسبب. مثلا إذا شهدت بأن البائع كان مالكا في حين البيع فهذه مثل الشهادة بأن المدعي كان مالكا سابقا.
ومن الواضح أن الشراء الصادر من البائع الذي شهد بكونه مالكا شهادة في الحقيقة بأن المدعي كان مالكا في السابق ، والمفروض أن ملك البائع الذي