( وجه الإشكال الأول ) ان عموم حجية البينة تأبى عن التخصيص بحقوق الناس ، وكون حق الله مبنيا على التخفيف لا يصلح له والا لما ثبت بها عند الحاكم الأول أيضا.
ولو منع عن عموم حجية البينة فلا فرق أيضا في مسألة التنفيذ بين حقوق الناس وحقوق الله تعالى. وما ذكر في الفرق من أن القضاء قول بغير علم فيقتصر على موضع الحاجة والقدر المتيقن وهو حقوق الناس دون حقوق الله التي بنيت على التخفيف ، يدفعه أن التنفيذ مع البينة ليس بغير علم.
أقول : لو قيل ان إنفاذ الحكم الثابت بل المعلوم أمر غير مستفاد من أدلة القضاء بل يحتاج إلى أدلة أخرى ، كما يفصح عنه تمسك مثل المحقق في ذلك بأمور أخر غيرها مثل مساس الحاجة ونحوها من الوجوه الثلاثة أو الأربعة.
فبان الفرق بين المقامين ، لان الفرق حينئذ ليس قدحا في عموم حجية البينة بل قدحا في وفاء عموم ذلك الدليل بالتنفيذ في حقوق الله.
( ووجه الإشكال الثاني ) ان حكم الحاكم ان كان مثل الفتوى فلا بد من مراعاة جميع الشروط في زمان العمل حدوثا وبقاءا ، ولذا قلنا في مسألة البقاء على تقليد الميت ان من يقول به لا بد أن يقول بجوازه بعد عروض الفسق والجنون أيضا ، مع انه باطل إجماعا ، كما أن الملازمة من أوضح الواضحات المنبهة عليها في محلها ، فلا وجه لنفوذ الحكم بعد الجنون والموت أيضا وان كان من باب الرواية والخبر. فالشروط شروط في حال الرواية لا في حال التحمل لا في حال العمل ، فينبغي نفوذ حكمه بعد الفسق أيضا كما يعمل بالرواية بعد فسق الراوي. والله العالم.