تشاركت في بعض الأمر دائما أو أحيانا ، فحقيقة البيع مباينة لحقيقة الصلح وان أفاد كل منهما النقل والانتقال ، وكذا حقيقة الهبة مغايرة لهما ، كما اتضح ذلك كله في محله من أن إنشاء الطلب وإنشاء التمني والترجي والعرض ونحوها حقائق ممتازة بحسب الوجدان وان أفاد كل منها مطلوبية المطلوب والمتمني والمترجى.
وهكذا نقول في الفرق بين إنشاء المبادلة والمعاوضة وبين حقيقة القسمة ، فإن المبادلة حقيقتها أن تبدل مال نفسك بمال صاحبك بإخراجه عن ملك وإدخاله في ملك صاحبك عوضا عن ماله ، وحقيقة القسمة أن تفرز مال نفسك عن مال صاحبك المجتمعين في عين خارجية ، ولما لم يكن بين المالين تميز واقعي كما ظهر في توضيح معنى الإشاعة فلا جرم يكون الافتراز اقتراحا منك وجعلا من عندك نظير الحقيقة الادعائية ، فالتقسيم توسل من الشخص الى مال نفسه ولو اقتراحا ، والمبادلة توسل الى ملك مال الغير في مقابل مالك ملك ، ففي كل منهما يحصل انتقال شيء من مالك الى صاحبك وبالعكس ، الا أن هذا الانتقال في الأول لم ينشأ من إنشاء النقل بل من الافراز الاقتراحي فيما لا تميز هنا في الواقع وفي الثاني نشأ من إنشاء النقل والمبادلة.
فظهر أن القسمة كما أنها لا ترجع الى العقود المعرفة من البيع والصلح والهبة كذلك لا ترجع إلى مبادلة مستقلة وتمليك مستبد ومعاوضة برأسها ، فلا يلحقها شيء من أحكام المعاوضة. نعم منه الرد مشتملة على افراز ومبادلة ومعاوضة ، لأن الرد إذا لم يكن من العين المشاعة رجع إدخاله في ملك الشريك الى نحو معاوضة.
ثمَّ ان في جريان الربا فيه احتمال ذكرنا وجهه في باب الغصب في مسألة تخليط الغاصب المغصوب بمال نفسه بوجه مبسوط واف حاو لجميع ما في المقام من وجوه الاستدلال.