وقد عرفت ما فيه وان المزج إذا كان على وجه يقرب من التداخل الحقيقي المستحيل صار سببا لزوال اختصاص ملك كل منهما بصاحبه من حيث العين ، لأنه كما تزول المالية وتبقى الملكية كذلك قد تزول أصل الملكية التي هي الاختصاص والسلطنة باعتبار عدم قابلية المحل لحقارته كيفا كالميراث أو كما مثل الجزء الذي لا يتجزأ على القول به أو باعتبار وجود المانع كما في المقام ، فان كل جزء من عين مال زيد مثلا يفرض ففيه جزء من عين مال عمرو ، وهو يمنع عن سلطنة كل منهما بعين ماله وعن اختصاصها به ولو لم يبلغ حد الجزء الذي لا يتجزأ ، فلا بد حينئذ من زوال ملكية كل منهما عن عين ماله وبقاء ماليته.
وبعبارة أخرى : ان الملك قبل الامتزاج للمالك اختصاص بعينه واختصاص بماليته وبالمزج يزول اختصاص الأول دون الثاني ، ومقتضى هذا قيام المالية بالمجموع المركب من المالين ، فيكون المجموع بمنزلة ملك جديد حاصل لهما من امتزاج ماليهما الممتازين المختصين.
ومن هنا لا بد في ملكية كل منهما شيئا من العين ملاحظة مقدار تأثير ماله في مالية المجموع ، فلو اختلط جيد برديء كان لصاحب الجيد من العين أكثر من صاحبه ، لأن تأثير الجيد في مالية المجموع أكثر من تأثير الرديء فيه ، فيملك صاحب الجيد من العين بنسبة القيمتين. وأين هذا من الربا.
وأما ما ذكره الشيخ فيمكن تنزيله على ما لو قصد البائع المعاوضة ، بأن أخذ من العين بنسبة القيمة عوضا عن ماله الذي استهلك في مال المفلس ، فان ثبوت الربا بنفس الشركة لأنه معاملة برؤية في مقام التقسيم والتوصل الى ماله لا في أصل حصول الشركة. فكيف فالأظهر عدم ثبوت الربا لا في القسمة لكونها افرازا ولا في الشركة لكونها في الحقيقة عبارة عن تملك جديد لمال جديد. والله العالم.