ومثله الكلام فيما لو ادعى ذو اليد انتقال الملك اليه من المدعي الأول ، فإنه الذي لو ترك أي سكت ترك أي يخلى على حاله التي كان عليها بدون التكلم ، وهو وجوب تسليم المال ، لأنه بإقراره مأخوذ بالملك ولا خلاص له الا بعد دعواه الانتقال ، وحينئذ فالتعريف الأول والثالث يتطابقان ، فيبقى الكلام في ترجيح التعريف الأول أو الثاني لكونه أخص من الثاني كما ظهر.
لا يقال : ظاهر تقابل التعريف الأول والثالث في كلمات العلماء يقضي بتغايرهما مصداقا ، فكيف يتساويان؟
لأنا نقول : ذلك الظهور ممنوع ، ولذلك اختلفوا في تعريف الواجب بين من عرفه بما يستحق تاركه العقاب وبين من فسره بما يستحق تارك كه الذم ومن فسره بما كان فعله مطلوبا وتركه مبغوضا على الاتفاق ، على أن الواجب شيء واحد ، فاختلاف التعاريف قد يكون باعتبار اختلاف العرفين في الحقيقة العرفية بالعموم والخصوص ، وقد يكون باعتبار الاختلاف في صحة الحد وسقمه من حيث اختلال طرده وعكسه بالنسبة الى ما اتفقوا عليه من حقيقة العرف.
وأما ما ربما يتوقف من تعريف المدعي بما يرجع الى الجمع بين التعريف الأول والثاني فشطط من الوهم ، لان مقتضى الجمع بينهما عدم صدق المدعي الا بعد مخالفة قوله للأصل بالمعنى الأخص أو الأعم الشامل للقاعدة والظاهر الغير المعتبر معا ، فيخرج أكثر أفراد المدعي ، لان المدعي قلما يتفق مخالفة قوله لظاهر غير معتبر زيادة على الأصل أو القاعدة الشرعيين.
فحينئذ نقول : ان التعريف الأول أظهر ، لأن الظاهر من الأدلة والمستفاد منها أن المدعي الذي يطالب بالبينة من يقوى جانبه بمطابقة قوله لدليل شرعي.
ولعل هذا أيضا موافق للمدعي العرفي حيثما يطلق في مقابل المنكر ، لان المدعى في العرف من كان يدعى على خلاف القاعدة ، وصدق المدعي عرفا على من