وذكر روفس في كتابه « في تدبير العوام (١) » أنه ينبغي لمن أراد القيء أن لا يمتلىء من الغذاء جدا. وذلك لأن البطن اذا امتلأ تعسّر عليه القيء كما أن المثانة اذا امتلأت من البول يعسر خروجه. ومع هذا ان هو لم يقدر على القيء يتخوّف على ألا يكون بهضمه ما قد (٢) أخذ من الغذاء (٣). فيأتي من ذلك العطب ، فينبغي أن يأخذ من الغذاء من أراد استعمال من أراد القيء قدر ما يقوي على هضمه (٣).
وينبغي أن يكون اعطاؤنا للأدوية المنقية على قدر الفضول الراسخة في المعدة. فإن كان في المعدة فضل بلغماني ، فينبغي لصاحبه (٤) أن يأكل في وقت العشاء فجلا وسمكا مالحا وكراتا ، وشيء من بصل ، وشيء من حاشا ، وخردل مسحوق. أو يأكل سمكا مالحا وخبزا. ويمنع من شرب الماء في وقت أكله ، وبعد فراغه ساعة ، لتنحدر الرطوبة المتولدة في المعدة وينتظر قدر ما يسكن الطعام قليلا لا يقدر ما ينهضم. ثم يقوم فيتقيّأ وقد شرب قبل ذلك من الماء الفاتر شيئا صالحا ، وأبلغ من الماء الفاتر.
أن يسقي بعد ذلك ماء قد طبخ فيه الفجل الدقاق المقطّع ، والشبث ، والمح ، ويخلّط معه خردل ، وسكنجبين عسلي. ثم يقيّأ حتى إذا ظن أنه قد اكتفى ، فليجلس (٥) حينئذ ويغسل وجهه بماء وخل يتمضمض به أيضا ، فإنه نافع للعيون والرأس ، ويمنع من فساد الأسنان الذي يعرض كثيرا لأصحاب القيء فإن عسر عليه القيء فينبغي له أن يتجنب ، كثرته الى أن يضطر الى ذلك. وقد قال جالينوس عند تفسيره « كتاب الفصول » : من كان يسهل عليه القيء وكان نظيف البدن ، فينبغي أن يكون استفراغه بالدواء من فوق بالقيء في الصيف والخريف والربيع ، ويتوقّى أن يفعل ذلك في الشتاء لأن الضعف في أكثر الأمر تغلب عليه الصفراء. ومن كان يعسر عليه القيء ، وكان حاله في جنس اللحم حالة متوسطة ، فينبغيّ أن يجعل
____________________
(١) لم نجد هذا الاسم في القوائم التي راجعناها ، ولعله منحول.
(٢) آ : ساقطة.
(٣) الى (٣) آ : ساقطة.
(٤) ظ : ساقطة.
(٥) آ : فيجلس.