ومنها : أنه لم يكن ابنه على الحقيقة وإنما ولد على فراشه فقال نوح عليهالسلام : إنه ابني على ظاهر الأمر فأعلمه الله أن الأمر على خلاف ذلك ، ونبهه على خيانة امرأته. وينسب إلى الحسن ومجاهد.
وفيه : أنه على ما فيه من نسبة العار والشين إلى ساحة الأنبياء عليهمالسلام ، والذوق المكتسب من كلامه تعالى يدفع ذلك عن ساحتهم وينزه جانبهم عن أمثال هذه الأباطيل ، أنه ليس مما يدل عليه اللفظ بصراحة ولا ظهور فليس في القصة إلا قوله : « إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ » وليس بظاهر فيما تجرءوا عليه وقوله في امرأة نوح : « امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما » التحريم : ـ ١٠ وليس إلا ظاهرا في أنهما كانتا كافرتين تواليان أعداء زوجيهما وتسران إليهم بأسرارهما وتستنجدانهم عليهما.
ومنها : أنه كان ابن امرأته عليهالسلام وكان ربيبه لا ابنه من صلبه. وفيه أنه مما لا دليل عليه من جهة اللفظ. على أنه لا يلائم قوله في تعليل أنه ليس من أهله : « إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ » ولو كان كذلك كان من حق الكلام أن يقال : إنه ابن المرأة.
على أن من المستبعد جدا أن لا يكون نوح عليهالسلام عالما بأنه ربيبه وليس بابنه حتى يخاطب ربه بقوله : « إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي » أو يكون عالما بذلك ويتكلم بالمجاز ويحتج على ربه العليم الخبير بذلك فينبه أنه ليس ابنه وإنما هو ربيب.
وقوله : « إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ » ظاهر السياق أن الضمير لابن نوح عليهالسلام فيكون هو العمل غير الصالح ، وعده عملا غير صالح نوع من المبالغة نحو زيد عدل أي ذو عدل ، وقولها : فإنما هي إقبال وإدبار ، أي ذات إقبال وإدبار.
فالمعنى : إن ابنك هذا ذو عمل غير صالح فليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم. ويؤيد هذا المعنى قراءة من قرأ : « إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ » بالفعل الماضي أي عمل عملا غير صالح.
وذكر بعضهم : أن الضمير راجع إلى سؤال نوح عليهالسلام المفهوم من قوله : « رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي » أي إن سؤالك نجاة ابنك عمل غير صالح لأنه سؤال لما ليس لك به علم ولا ينبغي لنبي أن يخاطب ربه بمثل ذلك.