ثم استيناف البشارة بإسحاق في قوله أخيرا : « وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ » لا يدع ريبا لمرتاب أن الغلام الحليم الذي بشر به أولا غير إسحاق الذي بشر به ثانيا ، وليس إلا إسماعيل.
وذكر الطبري في تاريخه أن المراد بالبشارة الأولى في هذه السورة أيضا البشارة بإسحاق قياسا على ذكر من البشارة في سائر السور ، وهو كما ترى. وقد تقدم كلام في هذا المعنى في قصص إبراهيم عليهالسلام في الجزء السابع من الكتاب.
وثالثها : البحث في القصة من جهة تطبيق ما في التوراة الحاضرة منها على ما استفيد من القرآن الكريم ، وسيوافيك ذلك عند الكلام على قصة لوط عليهالسلام في ذيل الآيات التالية.
ورابعها : البحث فيها من جهة جدال إبراهيم الملائكة وقد وقع فيها مثل قوله : « يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ » وقوله : « يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا ».
وقد تقدم أن سياق الآيات وخاصة قوله : « إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ » لا يدل إلا على نعته بالجميل فلم يكن جداله إلا حرصا منه في نجاة عباد الله رجاء أن يهتدوا إلى صراط الإيمان.
( وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ (٧٧) وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (٧٨) قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ (٧٩) قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ (٨٠) قالُوا يا لُوطُ