قال : في أي موضع قال هذا ، أليس بعد متصرفه من حجة الوداع؟
قلت : إجل.
قال : فإن قتل زيد بن حارثة قبل الغدير (١) كيف رضيت لنفسك بهذا؟ أخبرني : لو رأيت ابنا لك قد أتت عليه خمس عشرة سنة يقول : مولاي مولى ابن عمي ، أيها الناس فاعلموا ذلك ، أكنت منكرا ذلك عليه تعريفه الناس ما لا ينكرون ولا يجهلون؟
فقلت : اللهم نعم.
قال : يا إسحاق ، أفتنزه ابنك عما لا تنزه عنه رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ؟ ويحكم! لا تجعلو فقهاءكم اربابكم (٢) إن الله جل ذكره قال في كتابه : (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) (٣) ولم يصلوا لهم ولا صاموا ولا زعموا أنهم أرباب ، ولكن أمروهم فأطاعوا أمرهم ، يا إسحاق ، أتروي حديث : (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) (٤)؟
قلت : نعم يا أمير المؤمنين ، قد سمعته من صححه وجحده.
__________________
(١) استشهد زيد بن حارثة في غزوة مؤتة. راجع : طبقات ابن سعد ج ٣ ص ٤٠ ، سير اعلام النبلاء ج ١ ص ٢٢٠ ، الاستيعاب ج ٢ ص ٥٤٢ ، أسد الغابة ج ٢ ص ٢٤٤. واما حادثة الغدير فقد وقعت في السنة العاشرة في حجة الوداع. راجع : طبقات ابن سعد ج ٢ ص ١٧٢ ، تاريخ الذهبي ج ١ ص ٧٠١ ، مغازي الواقدي ج ٣ ص ١٠٨٨ وغيرها الكثير من المصادر.
(٢) الأرباب : جمع رب وهو الاله أو الصاحب.
(٣) سورة التوبة : الاية ٣١.
(٤) تقدمت تخريجاته.