المناظرة الرابعة والأربعون
مناظرة الشيخ المفيد (ره) مع القاضي أبي بكر بن سيّار
قال السيد المرتضى ـ رضي الله عنه ـ في كتاب الفصول : اتفق للشيخ أبي عبد الله المفيد ـ رحمة الله عليه ـ اتفاق مع القاضي أبي بكر أحمد بن سيار في دار الشريف أبي عبد الله محمد بن محمد بن طاهر الموسوي ـ رضي الله عنه ـ ، وكان بالحضرة جمع كثير يزيد عددهم على مائة إنسان ، وفيهم أشراف من بني علي وبني العباس ومن وجوه الناس والتجار حضروا في قضاء حق الشريف ـ رحمه الله ـ ، فجرى من جماعة من القوم خوض في ذكر النص على أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ ، وتكلم الشيخ أبو عبد الله ـ أيده الله ـ في ذلك بكلام يسير على ما اقتضته الحال.
فقال له القاضي أبو بكر ابن سيار : خبرني ما النص في الحقيقة؟ وما معنى هذه اللفظة؟
فقال الشيخ : أيده الله ـ : النص هو الاظهار والأبانة ، من ذلك قولهم : فلان قد نص قلوصه (١) : إذا أبانها بالسير ، وأبرزها من جملة الأبل ، ولذلك سمي المفرش العالي (منصة) لأن الجالس عليه يبين بالظهور من الجماعة ، فلما أظهره المفرش سمي منصة على ما ذكرناه ، ومن ذلك أيضا قولهم : قد نصّ فلان مذهبه : إذا أظهره وأبانه ، ومنه قول الشاعر :
__________________
(١) القلوص من الابل : الطويلة القوائم الشابة منها أو الباقية على السير.