المناظرة التاسعة والثلاثون
مناظرة المأمون (١) مع الفقهاء
عن حماد بن زيد قال : بعث إلي يحيى بن أكثم وإلى عدة من أصحابي ، وهو يومئد قاضى القضاة ، فقال : إن أمير المؤمنين أمرني أن أحضر معي غدا مع الفجر أربعين رجلا كلهم فقيه يفقه (٢) ما يقال له ويحسن الجواب ، فسموا من تظنونه يصلح لما يطلب أمير المؤمنين. فسمينا له عدة ، وذكر هو عدة ، حتي تم العدد الذي أراد ، وكتب تسمية القوم ، وأمر بالبكور (٣) في السحر ، وبعث إلى من لم يحضر ، فأمره بذلك فغدونا عليه قبل طلوع الفجر ، فوجدناه قد لبس ثيابه وهو جالس ينطرنا ، فركب وركبنا معه حتى صرا إلى الباب ، فأدخلنا ، فأمرنا باصلاة فأخذنا فيها ، فلم نستتم حتى خرج الرسول ، فقال : ادخلوا فدخلنا فإذا أمير
__________________
(١) المأمون : الخليفة ، أبو العباس ، عبد الله بن هارون الرشيد بنمحمد المهدي بن أبي جعفر المنصور العباسي ، ولد سنة سبعين ومائة ، بويع بالخلافة إول سنة ثمان وتسعين ومائة ، بايع بالعهد للإمام علي بن موسى الرضا ـ عليه السلام ـ ونبذ السواد ، وأبدله بالخضرة ، توفي سنة ثماني عشرة ومائتين وحمل الى طرطوس ودفن بها. تجد ترجمته في : سير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ٢٧٢ رقم : ٧٢ ، تارخي بغداد ج ١٠ ص ١٨٣ ، الكامل في التاريخ ج ٦ ص ٢٦٦ ، سفينة البحار للقمي ج ١ ص ٤٤.
(٢) يفقه : يفهم.
(٣) البكور : الإسراع.