المناظرة الثامنة والأربعون
مناظرة الشيخ المفيد مع أبي بكر بن صراما
حضر الشيخ المفيد مجلس أبي منصور بن المرزبان وكان بالحضرة جماعة من متكلمي المعتزلة ، فجرى كلام وخوض في شجاعة الأمام ـ عليه السلام ـ.
فقال أبو بكر بن صراما : عندي أن أبا بكر الصديق كان من شجعان العرب ومتقدميهم في الشجاعة!
فقال الشيخ ـ أدام الله عزه ـ : من أين حصل ذلك عندك؟ وبأي وجه عرفته؟
فقال : الدليل على ذلك أنه رأى قتال أهل الردة وحده في نفر معه ، وخالفه على رأيه في ذلك جمهور الصحابة وتقاعدوا عن نصرته. فقال : أما والله لو منعوني عقالا لقاتلتهم ، ولم يستوحش من اعتزال القوم له ، ولا ضعف ذلك نفسه ، ولا منعه من التصميم على حربهم ، فلولا أنه كان من الشجاعة على حد يقصر الشجعان عنه لما أظهر هذا القول عند خذلان القوم له!
فقال الشيخ ـ أدام الله عزه ـ : ما أنكرت على من قال لك : إنك لم تلجأ إلى معتمد عليه في هذا الباب ، وذلك أن الشجاعة لا تعرف بالحس لصاحبها فقط ولا بادعائها ، وإنما هي شئ في الطبع يمده الاكتساب ، والطريق إليها أحد الأمرين : إما الخبر عنها من جهة علام الغيوب المطلع