المناظرة الثالثة والخمسون
مناظرة الكراجكي مع رجل من العامة
قال الشيخ الكراجكي (١) ـ اعلى الله مقامه ـ :
سألني رجل من أهل الخلاف فقال : إنا نراكم معشر الشيعة تكثرون القول بأن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ أفضل من أبي بكر وعمر وعثمان ، وتناظرون على ذلك ، وترددون هذا الكلام ، وإطلاق هذا اللفظ منكم يضاد مذهبكم ، ويناقض معتقدكم ، ولستم تعلمون أن التفضيل بين الشيئين لا يكون إلا وقد شمل الفضل لهما ، ثم زاد في الفضل أحدهما على صاحبه ، وأن ذلك لا يجوز مع تعري أحدهما من خلال الفضل على كل حال ، لم جهلتم ذلك من معنى الكلام؟ فإن زعمتم أن لأبي
__________________
(١) هو : أبو الفتح محمد بن علي بن عثمان المعروف بالكراجكي ، من أجلاء علماء وفقهاء ورؤساء الشيعة في حلب ، له عدة كتب منها عدة المصير في صحيح الغدير ، التلقين لأولاد المؤمنين ، ردع الحاصل وتنبيه الغافل ، نهج البيان في مناسك النسوان ، روضة العابدين ، كنز الفوائد ، وغيرها ، وكان جوالا بين دمشق وبغداد وحلب وطبرية وصيدا وصور وطرابلس ، ومن شيوخه : الشيخ المفيد والشريف المرتضى وغيرهم من أجلة العلماء ، ومن تلاميذه : المفيد النيسابوري ، وعبد العزيز الطرابلسي وغيرهما.
والكراجكي من أئمة عصره في الفقه والكلام والفلسفة والطب والفلك والرياضيات وغيرها من العلوم ، قال عنه العماد الحنبلي : كان نحويا لغويا ، منجما طبيبا متكلما متقنا ، من كبار أصحاب الشريف المرتضى ، وتوفي في حوادث سنة ٤٩٩ ه.
راجع ترجمته في : شذرات الذهب ج ٣ ص ٢٨٣ في حوادث سنة ٤٩٩ ه ، سير أعلام النبلاء ج ١٨ ص ١٢١ ، لسان الميزان ج ٥ ص ٣٠٠ ، مرآة الجنان ج ٣ ص ٦٩ ـ ٧٠.