المناظرة الخامسة والأربعون
مناظرة الشيخ المفيد مع الكتبي ورجل من المعتزلة
سأله المعروف بالكتبي فقال له : ما الدليل على فساد إمامة أبي بكر؟
فقال له : الأدلة على ذلك كثيرة ، فأنا أذكر لك منها دليلا يقرب من فهمك ، وهو أن الأمة مجتمعة على أن الأمام لا يحتاج إلى إمام ، وقد أجمعت الأمة على أن أبا بكر قال على المنبر : (وليتكم ولست بخيركم ، فإن استقمت فاتبعوني ، وإن اعوججت فقوموني) (١) ، فاعترف بحاجته إلى رعيته وفقره إليهم في تدبيره ، ولا خلاف بين ذوي العقول أن من احتاج إلى رعيته فهو إلى الأمام أحوج (٢) ، وإذا ثبتت حاجة أبي بكر إلى الامام بطلت إمامته بالإجماع المنعقد على أن الإمام لا يحتاج إلى الإمام ،
__________________
(١) تقدمت تخريجاته.
(٢) وفي هذا المعنى يقول شاعر أهل البيت ـ عليهم السلام ـ سفيان بن مصعب العبدي الكوفي ـ المتوفي ـ سنة ١٢٠ ه ـ :
وقال : رسول الله ما اختار بعده |
|
إماما ولكنا لأنفسنا اخترنا |
اقمنا إماما إن أقام على الهدى |
|
أطعنا وإن ضل الهداية قومنا |
فقلنا إذن أنتم امام امامكم |
|
بحمد من الرحمن تهتم وما تهنا |
ولكننا اخترنا الذي اختار ربنا |
|
لنا يوم خم ما اعتدينا ولا حلنا |
سيجمعنا يوم القيامة ربنا |
|
فتجزون ما قلتم ونجزى الذي قلنا |
ونحن على نور من الله واضح |
|
فيارب زدنا منك نورا وثبتنا |
وفي العبدي ـ رحمه الله تعالى ـ روي عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : يا معشر الشيعة علموا أولادكم شعر العبدي فأنه على دين الله. أنظر : الكنى والألقاب للقمي ج ٢ ص ٤١٤ ـ ٤١٥.