المناظرة الثانية والعشرون
مناظرة هشام بن الحكم (١) مع بعض المتكلمين في مجلس الرشيد
قال هارون الرشيد لجعفر بن يحيى البرمكي : إني أحب أن أسمع كلام المتكلمين من حيث لا يعلمون بمكاني فيحتجون عن بعض ما يريدون ، فأمر جعفر المتكلمين فأحضروا داره ، وصار هارون في مجلس
__________________
(١) هو : هشام بن الحكم أبو محمد ، مولى كندة ، وكان ينزل ببني شيبان بالكوفة وكان مولده بالكوفة ، ومنشؤه واسط ، وتجارته ببغداد ثم انتقل إليها في آخر عمره سنة تسع وتسعين ومائة ، وقيل هذه السنة هي سنة وفاته ، عين الطائفة ووجهها ومتكلمها وناصرها ، من ارباب الاصول ، وله نوادر وحكايات ولطائف ومناظرات ، ممن اتفق علماؤنا على وثاقته ، ورفعة شأنه ومنزلته عند أئمتنا المعصومين ـ عليهم السلام ـ وممن دعا له الأمام الصادق ـ عليه السلام ـ فقال : اقول لك ما قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لحسان : لا تزال مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك ، وبلغ من مرتبته وعلوه عند ابي عبد الله جعفر بن محمد ـ عليهما السلام ـ انه دخل عليه بمنى وهو غلام اول ما اختط عارضاه وفي مجلسه شيوخ الشيعة كحمران بن اعين وقيس الماصر ويونس بن يعقوب وابي جعفر الأحول وغيره فرفعه على جماعتهم وليس فيهم الا من هو اكبر منه سنا فلما رأى أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ ان ذلك الفعل كبر على اصحابه قال : هذا ناصرنا بقلبه ولسانه ويده ، وكان هشام ممن فتق الكلام في الأمامة ، وهذب المذهب بالنظر ، وكان حاذقا بصناعة الكلام ، حاضر الجواب ، وكان ثقة بالروايات حسن التحقيق بهذا الأمر ، وكانت له مباحث كثيرة مع المخالفين في الأصول وغيرها ، عد في أصحاب الصادق والكاظم ـ عليهما السلام ـ ، وتوفي بعد نكبة البرامكة بمدة يسيرة متسترا وقيل في خلافة المأمون ، وكان لاستتاره قصة مشهورة في المناظرات.
راجع : رجال النجاشي ص ٤٣٣ رقم : ١١٦٤ ، سفينة البحار ج ٢ ص ٧١٩ ، رجال العلا مة ص ١٨٧ ، رجال الطوسي ص ٣٢٩ ، رقم : ١٨ وص ٣٦٢ ، رقم : ١ ، سير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ٥٤٣ رقم : ١٧٤ ، تنقيح المقال للمامقاني ج ٣ ص ٢٩٤.