يسمع كلامهم ، وأرخى بينه وبين المتكلّمين ستراً ، فاجتمع المتكلّمون وغص المجلس بأهله ينتظرون هشام بن الحكم ، فدخل عليهم هشام وعليه قميص إلى الركبة وسراويل إلى نصف الساق ، فسلم على الجميع ولم يخص جعفرا بشئ.
فقال له رجل من القوم : لم فضلت عليا على أبي بكر ، والله يقول : (ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) (١).
فقال هشام : فأخبرني عن حزنه في ذلك الوقت أكان لله رضا أم غير رضا؟ فسكت!
فقال هشام : إن زعمت أنه كان لله رضا فلم نهاه رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ فقال : (لا تحزن)؟ أنهاه عن طاعة الله ورضاه؟ وإن زعمت أنه كان لله غير رضا فلم تفتخر بشئ كان لله غير رضا؟ وقد علمت ما قال الله تبارك وتعالى حين قال : (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) (٢).
ولكنّكم قلتم وقلنا وقالت العامة : الجنة اشتاقت إلى أربعة نفر : إلى علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ ، والمقداد بن الأسود ، وعمار بن ياسر ، وأبي ذر الغفاري (٣). فأرى صاحبنا قد دخل مع هؤلاء في هذه الفضيلة ، وتخلف عنها صاحبكم ، ففضلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة.
وقلتم وقلنا وقالت العامة : إن الذبين عن الاسلام أربعة نفر : علي بن
__________________
(١) سورة التوبة : الاية ٤٠.
(٢) سورة الفتح : الاية ٢٦.
(٣) راجع : حلية الاولياء ج ١ ص ١٤٢ ، المعجم الكبير للطبراني ج ٦ ص ٢٦٣ ـ ٢٦ ٤ ، ح ٦٠٤٥ ، المستدرك للحاكم ج ٣ ص ١٣٧ ، مجمع الزوائد ج ٩ ص ٣٠٧ وص ٣٣٠ ، الخصال للشيخ الصدوق ج ١ ص ٣٠٣ ح ٨٠ ، بحار الانوار ج ٢٢ ص ٣٢٤ ح ٢٢ ، ذكر أخبار اصفهان ج ٢ ص ٣٢٨.