المناظرة الثانية والثلاثون
مناظرة مؤمن الطاق مع أبي حنيفة (١)
قال أبو حنيفة لمؤمن الطاق يوما من الأيام :
لم لم يطالب علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ بحقه بعد وفاة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ إن كان له حق؟
فأجابه مؤمن الطاق فقال : خاف أن تقتله الجن كما قتلوا سعد بن عبادة (٢) بسهم المغيرة بن شعبة ، وفي رواية بسهم خالد بن الوليد (٣).
__________________
(١) هو : النعمان بن ثابت بن زوطي بن ماه ، مولى تيم الله بن ثعلبة الكوفي ، ويقال إنه من أبناء الفرس ، أحد الأئمة الأربعة السنية صاحب الرأي والقياس والفتاوى المعروفة في الفقه ، ولد بالكوفة سنة ٨٠ ، عاصر بعض معمري الصحابة ، أخذ عن التابعين والامام جعفر الصادق ـ عليه السلام ـ ، تاجر وتولى التدريس والفتيا في الكوفة ، استدعاه المنصور لتولي القضاء في بغداد فرفض فأمر به الى السجن فكان يساط كل يوم حتى توفي في السجن سنة ١٥٠ ه ، وقبره ببغداد في مقبرة خيزران ، له الفقه الأكبر ، ومسند أبي حنيفة.
تجد ترجمته في : الجرح والتعديل ج ٨ ص ٤٤٩ رقم : ٢٠٦٢ ، سير أعلام النبلاء ج ٦ ص ٣٩٠ رقم : ١٦٣ ، تهذيب الكمال ج ٢٩ ص ٤١٧ رقم : ٦٤٣٩ ، المنجد (الاعلام).
(٢) سعد بن عبادة : رئيس الخزرج ، وكان صاحب راية الأنصار يوم بدر ، وأمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ صاحب لواء رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ أجتمعت الأنصار إليه وكان مريضا فجاءوا به إلى سقيفة بني ساعدة وأرادوا تأميره ، ولما تم الأمر لأبي بكر امتنع عن مبايعته ، فأرسل إليه أبو بكر ليبايع فقال : لا والله حتى أرميكم بما في كنانتي ، وأخضب سنان رمحي ، وأضرب بسيفي ما أطاعني ، وأقاتلكم بأهل بيتي ومن تبعني ، ولو اجتمع معكم الجن والأنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي فقال عمر : لا تدعه حتى يبايع ، فقال بشير بن سعد : إنه قد لج وليس بمبايع لكم حتى يقتل ، وليس بمقتول حتى يقتل معه أهله وطائفة من عشيرته ولا