المناظرة التاسعة والأربعون
مناظرة الشيخ المفيد مع بعضهم ردا على الحشوية والمعتزلة
سأله بعض أصحابه فقال له : إن المعتزلة والحشوية يدعون أن جلوس أبي بكر وعمر مع رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في العريش كان أفضل من جهاد أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ (١) بالسيف
__________________
(١) وادعى ذلك أيضا الجاحظ أبو عثمان وقال : إن فضل أبي بكر بمقامه في العريش مع رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يوم بدر أعظم من جهاد علي ـ عليه السلام ـ ذلك اليوم وقتله أبطال قريش.
وقد تصدى للرد عليه أبو جعفر الأسكافي كما ذكر ذلك ابن أبي الحديد في شرح النهج ج ١٣ ص ٢٨١ وإليك جوابه نصا :
وكيف يقول الجاحظ : لا فضيلة لمباشرة الحرب ، ولقاء الأقران ، وقتل أبطال الشر ك! وهل قامت عمد الأسلام إلا على ذلك! وهل ثبت الدين واستقر إلا بذلك! أتراه لم يسمع قول الله تعالى : (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) سورة الصف : الاية ٤ ، والمحبة من الله تعالى هي إرادة الثواب ، فكل من كان أشد ثبوتا في هذا الصف ، وأعظم قتالا ، كان أحب إلى الله ، ومعنى الأفضل هو الأكثر ثوابا ، فعلي ـ عليه السلام ـ إذا هو أحب المسلمين إلى الله ، لأنه أثبتهم قدما في الصف المرصوص ، لم يفر قط بإجماع الأمة ، ولا بارزه قرن إلا قتله.
أتراه لم يسمع قول الله تعالى : (وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما) ، سورة النساء : الاية ٩٥ وقوله : (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والأنجيل والقرآن) ، ثم قال سبحانه مؤكدا لهذا البيع والشراء : (ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم) سورة التوبة الاية ١١١ ، وقال الله تعالى : (ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا