بكر وعمر وعثمان قسطا من الفضل يشملهم به ، يصح به القول أن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ أفضلهم ، تركتم مذهبكم وخالفتم سلفكم ، وإن مضيتم على أصلكم ونفيتم عنهم جميع خلال الفضل على ما عهد من قولكم لم يصح القول بأن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ أفضل منهم.
فقلت له : ليس في إطلاق أن القول بأن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ أفضل من أبي بكر وعمر وعثمان ما يوجب على قائله ما ذكرتم في السؤال.
والشيعة أعرف من خصومهم بمواقع الألفاظ ومعاني الكلام ، وذلك : أن التفضيل ، وإن كان كما وصفت يكون بين الشيئين إذا اشتركا في الفضل وزاد أحدهما على الاخر فيه ، فقد يصح أيضا فيهما إذا اختص بالفضل أحدهما ، وعرى الاخر منه ، ويكون معنى قول القائل : هذا أفضل من هذا ، أنه الفاضل دونه ، وأن الاخر لا فضل له ، وليس في هذا خروج عن لسان العرب ، ولا مخالفة لكلامها ، وكتاب الله تعالى يشهد به ، وأن أشعار المتقدمين يتضمنه ، قال الله جل اسمه : (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا) (١).
يعني أنهم خير من أصحاب النار ، وقد علم أن أصحاب النار أصحاب شر ، ولا خير فيهم. ووصف النار في آية أخرى فقال : (بل كذبوا بالساعة واعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا ، إذا رأتهم من كان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا) إلى قوله (وادعوا ثبورا) (٢) ثم قال : (قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون ، كانت لهم جزاء
__________________
(١) سورة الفرقان : الاية ٢٤.
(٢) سورة الفرقان : الاية ١١ ـ ١٤.
(٣) سورة الفرقان : الاية ١٥.