وفي حديث آخر بسنده عن السَّريعي الكاتب ، قال : حدّثني أبي موسى بن عبد العزيز ، قال : لقيني يوحنّا بن سراقيون النصراني المتطبّب في شارع أبي أحمد ، فاستوقفني وقال لي : بحقّ نبيّك ودينك مَن هذا الّذي يزور قبره قوم منكم بناحية قصر ابن هبيرة؟ من هو مِنْ أصحاب نبيّكم؟
قلت : ليس هو من أصحابه ، هو ابن بنته ، فما دعاك إلى المسألة عنه؟
فقال : له عندي حديث طريف ، فقلت : حدّثني به.
فقال : وجّه إليّ سابور الكبير الخادم الرشيديّ في اللّيل فصرتُ إليه ، فقال لي : تعالَ معي ، فمضى وأنا معه حتّى دخلنا على موسى بن عيسى الهاشمي ، فوجدناه زائل العقل متّكئا على وسادة ، وإذا بين يديه طست فيه حشو جوفه ، وكان الرشيد استحضره من الكوفة.
فأقبل سابور على خادم كان من خاصّة موسى ، فقال له : ويحك ما خبره؟
فقال له : أُخبِرُكَ ؛ أنّه كان من ساعةٍ جالسا وحوله ندماؤه ، وهو من أصحّ الناس جسما وأطيبهم نفسا ، إذ جرى ذكر الحسين بن عليّ عليهاالسلام. ـ قال يوحنّا : هذا الّذي سألتك عنه ـ فقال موسى : إنّ الرافضة لتغلو فيه حتّى أنّهم ـ فيما عرفتُ ـ يجعلون تربته دواءً يتداوون به.
فقال له رجل من بني هاشم كان حاضراً : قد كانت بي علّة غليظة ، فتعالجتُ لها بكلّ علاج فما نفعني ، حتّى وصَفَ لي كاتبي أن آخُذَ من هذه التربة ، فأخذتُها فنفعني الله بها وزال عنّي ما كنت أَجِدُهُ.
قال : فبقي عندك منها شيء؟
قال : نعم ، فوجّه ، فجاءوه منها بقطعة ، فناولها موسى بن عيسى.
فأخذها موسى فاستدخلها دُبُرَهُ استهزاءا بمن تداوى بها ، واحتقارا وتصغيرا لهذا الرجل الّذي هذه تربته ـ يعني الحسين عليهالسلام ـ فما هو إلاّ أن استدخلها دبره حتّى صاح : «النّارَ النارَ الطستَ الطستَ» ، فجئناه بالطست ،