إذن ؛ مودّة هؤلاء يعود نفعها إلى الإنسان ، ولا يعود إلى الرسول نفسه كشخص ، بل إنّ مودّتهم توصل النّاس إلى الخير والصلاح ، لأنّ التودّدـ الّذي تكون القربى ظرفاً له ـ سيربطهم بالرسالة وصاحبها ارتباطاً وثيقاً تنسحب خيراته إلى النّاس أنفسهم ، وهو لطف من الله للبشر ؛ إذ جعل مودّة أهل بيت رسوله سببا لنجاتهم من الهلكة ، وهو المراد والملحوظ في قوله تعالى (قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّه).
وبمعنى آخر : إنّ أجر إبلاغ الرسالة يوازن اتّباعهم والأخذ عنهم ، وهو يعود نفعه أخيرا إلى محبّيهم عليهمالسلام ومتّبعيهم لا لنفس الرسول والأئمّة ، لأنّ الناس بهذه المودّة سينجون من عذاب الله ، وهو ما جاء في الكافي ضمن حديث طويل عن الإمام أبي جعفر الباقر عليهالسلام :
«... وهو قول الله عزّ وجلّ : (قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) يقول أجر المودّة الّذي لم أسالكم غيره فهو لكم تهتدون به وتنجون من عذاب يوم القيامة» (٢).
وعليه فإنّ «في» ظرفيّة ، و «اللام» للاختصاص ، ومعناه : أنّ الله لا يريد تعميم هذا الحكم على جميع بني هاشم ، بل أراد أن يخصّ اُناسا معيّنين من القربى ـ هم الأئمّة الأحد عشر من ولد فاطمة ، مع أبيهم أمير المؤمنين ـ من دائرة لُغَويَّة واسعة تسمّى «القربى» ، ومعناه : أنّ الله سبحانه يريد مودّة هؤلاء بعينهم لا مودّة غيرهم.
وأن المودّة لا تأتي إلاّ بعد المعرفة ، والمعرفة تحصل من ذكر فضائل آل رسول الله ، وأنّ ذكر فضائل الإمام علي والزهراء والحسن والحسين عليهمالسلام من قبل
________________
١ ـ سبا : ٤٧.
٢ ـ الكافي ٨ : ٣٧٩ / ٥٧٣.