ونهض الحسين يتمشَّى تحت بِلاس الخيمة ، فهم ابن عمر أنَّه المصدوم برجائه ، فقام حزيناً وانسحب ، بينما كان يدخل بوَّابه أسعد الهجرى.
الهجري : ـ يحيى أخو عمرو بن سعيد!
الحسين : ـ أيُلاحقُني أمير الحِجاز بعد أنْ تركت له الحجاز وكلَّ أهل الحِجاز؟! ألا خَسىء الرجل ، وخسىء مروان بن الحَكم والوليد بن عتبة!! أدخله يا أسعد ولا تَخف عليَّ.
بعد قليل كان أخو الوالي في حضرة الحسين على بوَّابة المُخيَّم ، فعاجله الحسين قبل أنْ يرمي عليه السلام :
الحسين : ـ مِن قِبَل الأمير ، أليس كذلك؟
يحيى : ـ أجل ، أخي عمرو ، وهو أمير الحِجاز كما تعلم ، يعتب عليك لا تودِّعه قبل أنْ ترحل.
الحسين : ـ طرق القوافل مفتوحة ، قُلْ للأمير يا أخا الأمير : فمتى كان على مُسافر أنْ يودِّع الأمير؟
يحيى : ـ ولكنَّ الحسين يعلم ـ كما يعلم عبد الله بن الزبير ـ أنَّ المُبايعة للخليفة يزيد هي التي تفكُّ مِن المُراقبة والمُلاحقة.
الحسين : ـ قُلْ للأمير : أنْ لا شيء يحجزني في أرض أُريد أنْ أتركها إلى حيث يطيب لي.
يحيى : ـ إنَّه عصيان على ما يبدو ، سريعاً ما سأُبلِغ الأمير ، نحن على خيل لا تُلحَق ، غداً أو بعد غدٍ يكون لنا ما نتدبَّر به أمرك.
لم يجهد الحسين نفسه بالجواب ، بلْ تبسَّم وأرتدَّ إلى الداخل ، ولم يَعُدْ يرى كيف انصرف الرجل ، إلاَّ أنَّه أمر سريعاً بالرحيل ، وقبل أنْ يبلغ المَحطَّة كان قد لحق به