عمرو : ـ يظهر أنِّي المُوفَّق في اللحظة الكبيرة ، أتقبل نُصحي أيُّها السيِّد؟
الحسين : ـ هل أنت مُتمكِّن مِن معرفة ذاتك؟ هات النصيحة حتَّى أسمع.
عمرو : ـ أنا لوذان بن أبي عكرمة ، لا يبدو لي أنَّ في خاصرة الأُفق غيمة تمطر ، فهلاَّ تعِدل عن المُجازفة؟!
الحسين : ـ إنَّ المُجازفة ـ يا لوذان ـ أنْ نعدل عن المُجازفة ـ أقول لك : إنَّ إرادة الله هي الفاعلة ، وهي التي تعصر الرمال وتُفجِّر منها دفق الفرات!!!
بينما كان ابن عكرمة يعصر عينيه ويضغط أُذنيه تحت وطأة ما يرى ويسمع كان ، الحسين يأمر باستئناف السير تاركاً محطَّة (بطن العقبة) لكلِّ البطون والأفخاذ ، التي استنجدت بها قبليَّة عمر بن الخطاب ، وأبي بكر ، وابن عفَّان ، وجعلوها بقرة تحلب اللبن في أكواب مُعاوية ويزيد وعمرو بن العاص ، بعد مشي مرحلة بزاد قليل وماء أشح ، بلغوا محطَّة (شراف) فأمر بنصب الخيام فيها.
ـ ١٠ ـ
صحيح أنَّهم خيَّموا في (شراف) وملأوا قُربهم مِن مائها ، ولكنَّ الحُرَّ بن يزيد التميمي ، كان مِن المُخيِّمين ـ أيضاً ـ في الدائرة المُشرفة على المَحطَّة ، على رأس قوَّة مؤلَّفة مِن ألف فارس ، تُراقب القافلة الصغيرة ، وتُحصي عديدها ، وتضبط أنفاسها ، ولم يُعتِّم قائدها حتَّى اقترب مِن المخيم ليدور بينه وبين الحسين حوار ناشف النَّبرات :
الحُرُّ : لن أتخبَّأ بعد الآن عليك ، حتَّى حديثك بالأمس مع لوذان عمرو بن لوذان وصل إليَّ ، نحن في الجيش لا نأخذ الأوامر بالرموز ، بلْ بالإشارة الصريحة ، نَصحك