أي علم؟!
أو أنّ قابلية المحلِّ تربى باُولئك الأفراد دون سيّدنا العبّاس عليهالسلام؟
لا واللّه ، ما كان سيّد الأوصياء عليهالسلام يضنّ بشيء من علومه ، لا سيّما على قطعة فؤاده ، ولا أنّ غيره ممّن انضوى إلى أبيه علم الهداية يشقّ له غباراً في القابلية والاستعداد.
فهنالك التقى مبدأٌ فيّاض ، ومحلٌّ قابل للإفاضة ، وقد ارتفعت عامّة الموانع ؛ فذلك برهان على أنّ (عبّاس اليقين) من أوعية العلم ، ومن الراسخين فيه.
ثُمَّ هلمّ معي إلى جامعتين للعلوم الإلهيّة ، ملازمتين للجامعة الاُولى في نشر المعارف ، وتقيّضهما لإفاضة التعاليم الحقَّة لكُلِّ تلميذ ، والرُّقي به إلى أوج العظمة في العلم والعمل ، ألا وهما (كُلّيتا) السّبطين الحسن والحسين عليهماالسلام. وانظر إلى ملازمته لأخويه بعد أبيه سيّد الأوصياء عليهمالسلام ، ملازمة الظلِّ لذيه ، فهناك يتجلّى لكَ أنّ سماءَ عِلمِهما لم تهطل وبالاً إلاّ وعاد لؤلؤاً رَطباً في نفسه ، ولا أنفقا شيئاً من ذلك الكنز الخالد إلاّ واتّخذه ثروة علميّة لا تنفد.
أضف إلى ذلك ما كان يرويه عن عقيلة بيت الوحي ، زينب الكبرى ، وهي العالمة غير المُعلَّمة بنصّ الإمام زين العابدين (ع) (١).
وبعد هذا كُلِّه ، فقد حوى أبو الفضل من صفاء النّفس والجبلّة الطيّبة ، والعنصر الزاكي والإخلاص في العمل ، والدّؤوب على العبادة ما يفتح له أبواباً من العلم ، ويُوقفه على كنوز المعرفة ، فيتفرّع من كُلِّ أصلٍ فرعٌ ، وتنحلّ عنده المشكلات.
__________________
(١) الاحتجاج للطبرسي ٢ / ٣١.