بالأحكام الشرعيّة بالبداهة وجب على الاُمّة إطاعة هذا الإمام ، فالمراد من المؤمنين في هذه الآية ، ومن اُولي الأمر في قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) (١). شيءٌ واحد ، وقد انحصر مصداقه في سيّد الوصيّين وأبنائه المعصومين الأحد عشر عليهمالسلام بالتواتر عن الرسول صلىاللهعليهوآله.
فالنّصح الذي أشار إليه الإمام عليهالسلام في الزيارة هو لازم تلك الطاعة ومقتضى الولاية تحت جامع واحد ، وهو : لزوم مناصرة الدِّين والصادع به ، المُنبسط على ذات الباري تعالى والرسول والإمام كُلٍّ في مرتبته.
وقد أفادنا هذا الخطاب أنّ مفادات أبي الفضل ومواساته لم تكُنْ لمحض الرحم الماسّة والإخاء الواشج ، ولا لأنّ الحسين عليهالسلام سيّدُ اُسرته وكبيرُ قومه ، وإنْ كان في كُلٍّ منها يُمدح عليه هذا النّاهض ، لكنّها جمعاء كانت مُندكّة في جنب ما أثاره (عباسُ البصيرة) من لزوم مواساة صاحب الدِّين ، والتهالك دون دعوته ، سواء كانت المفادات بعين المُشرّع سبحانه ، أو تحت راية الرسول صلىاللهعليهوآله ، أو إمام الوقت ، وكُلّ بعين اللّه وعن مرضاته جلّ شأنه ، وقد اجتمعت في مشهد الطَّفِّ تحت راية الحسين عليهالسلام.
إنّ من الواجب إمعان النّظر في عمله النّاصع حين ملك الشريعة فاغترف غرفة من الماء ليشرب ، ولكن ألزمه حقُّ اليقين وقوّةُ الإيمان أنْ ينفض الماء من يده ، حيث لم يَرَ له مساغاً في التأخير عن سقاية حجّة الوقت الإمام المعصوم ، وحرم النّبوَّة ، ولو بمقدار التروِّي من الماء هُنيئة ، بل عرف أنّ الواجب عليه الإبقاء على مهجة
__________________
(١) سورة النّساء / ٥٩.