يكُنْ في وسع القدرة الإلهيّة إيجاد ذات مقدّسة طاهرة من الأرجاس حتّى عن هذه العلقة المُفسّرة بمغمز الشيطان؟! كيف لا وقد خلقه اللّه من نور قدسه ، وبرّأه من جلال عظمته ، واصطفاه من بين رسله ، وفضّله على العالمين! وفي الحديث عنه صلىاللهعليهوآله : «إنّ اللّهَ خلَقني مِنْ صفوةِ نورِهِ ، ودعانِي فأطعتهُ». وحينئذ فهل يُتصور نقصٌ في النّور الأقدس؟! تعالى اللّه عن ذلك علوّاً كبيراً.
تِلكَ نَفسٌ عَزّتْ عَلى اللّهِ قَدْراً |
|
فارتَضاهَا لِنفسهِ واصْطفَاهَا |
حَازَ مِنْ جَوْهَرِ التَّقدّسِ ذَاتَاً |
|
تاهتِ الأنبياءُ فِي مَعناهَا |
لا تَجلْ فِي صِفاتِ أحمدَ فِكَراً |
|
فَهي الصُّورةُ الّتي لَنْ تَراهَا |
وأغرب من ذلك جواب السّبكي عن هذه المشكلة : بأنّ اللّه أراد أنْ يخلق نبيّه ـ أوّلاً ـ كاملاً لا نقصان فيه عن سائر النّاس حتّى في مثل هذه العلقة ؛ لكونها من الأجزاء ، ثُمّ بعد ذلك طهّره منها!
والعجب عدّ هذه العلقة من أجزاء بدن الإنسان التي يُوجب فقدُها نقصانَ الخلقة ، وقد تنزّه عنها جلال النّبوَّة!
على أنّه أثبت ولادة النّبيِّ صلىاللهعليهوآله مختوناً ، وهذا أظهر في النّقصان عمّا وجد عليه البشر من العلقة ؛ لكونها غير مرئية.
وجواب الحلبي في السّيرة ج ١ ص ١١٥ بأنّه إنّما وُلد مختوناً لئلاّ يطّلع عليه المَحْرَم وتنكشف عورتُهُ ، لا يرفع إشكال النّقصان عمّا عليه النّاس.
وكيف كان فقد ثبت إمكان أنْ يخلق اللّه تعالى ذواتاً مقدّسة ، مُنزّهة عن الأرجاس ، معصومة عن الخطأ ، وقد يجب ذلك كما في