الهداة المعصومين عليهمالسلام ؛ لكي يهدي بهم النّاس (١).
وأمّا في غيرهم من الأطهار فلا يجب ، ولكنّه غير ممتنع ؛ فمِن المُمكن أنْ يمنحَ الباري سبحانه أفذاذاً من البشر فيكونوا قدوةً لمَن هم دونهم ، وتكون بهم الاُسوة في عمل الصالحات ، وإنْ كان في مرتبة نازلة عن منزلة الأنبياء المعصومين عليهمالسلام ؛ فإنّهم وإنْ بلغوا بسبب التفكير والذكر المتواصل ، والتصفية والرياضة إلى حيث لا يُبارحون طريق الطاعة ، ولا يسلكون إلى المعصية طريقاً ، لكنّهم في حاجة إلى مَن يسلك بهم السّبيل الواضح ، ويُميّز لهم موارد الطَّاعة وموادّها عن مساقط العصيان والتهلكة ، بخلاف الحُججِ المُقيَّضين لإنقاذ البشر ، المعنيّون بالعصمة ها هنا.
فمَن كانت عصمتُهُ واجبةً ـ كما في المعصومين عليهمالسلام ـ سُمّيت عصمته استكفائية ; لأنّه لا يحتاج في سلوكه إلى الغير ، لكونه في غنىً عن أيّ حجّة ؛ لتوفّر ما اُفيض عليهم من العلم والبصائر ، ومَن لم تكنْ فيه العصمة واجبة ، وكان مُحتاجاً إلى غيره في سلوكه وطاعته ، سُمّيت عصمته غير استكفائية ، على تفاوتٍ في مراتبهم من حيث المعرفة والعلم واليقين.
وحينئذ ليس من البدع إذا قلنا : إنّ (قمر بني هاشم) كان
__________________
(١) السّيرة الحلبيّة ١ / ٨٧ ، البداية والنّهاية ٢ / ٣٢٥ ، إمتاع الأسماع للمقريزي ٤ / ٥٧ ، مجمع الزوائد للهيثمي ، وهو ليس تعليلاً من النّبيِّ صلىاللهعليهوآله ، وإنّما حديث مروي عنه صلىاللهعليهوآله ورد فيه : «مِنْ كَرامَتي على ربِّي عزَّ وجل أنْ وُلدتُ مختوناً ، ولم يرَ أحدٌ سَوأتي». وقد اختلفوا في تصحيح هذا الخبر وتضعيفه ، ففي السّيرة الحلبيّة في نفس المصدر قال : ... جاءت أحاديث كثيرة في ذلك ، قال الحافظ ابن كثير : فمِن الحفّاظ مَن صحَّحها ، ومنهم مَن ضعَّفها ...