لأجلهم ، ولأنْ يعرفوا مكانتهم ، فيحتذوا أمثالهم في الأحكام والأخلاق ، فكان من المُحتّم في باب لطفه وكرمه ـ عظمت نعمُهُ ـ أنْ يصحرَ النّاس بفضلهم الظاهر.
ومن سادات ذلك البيت الطاهر ، الذي أذن اللّه أنْ يُرفع فيه اسمه ، أبو الفضل العبّاس ، فإنّه في الطليعة من اُولئك السّادات ، وقد بذل في اللّه ما عزّ لديه وهان حتّى اتّصلت النّوبة إلى نفسه الكريمة التي لفظها نصب عينه ـ عزّ ذكره ـ ، فأجرى سنَّته الجارية في الصدِّيقين فيه بأجلى مظاهره ؛ ولذلك تجد مشهده المُقدّس في آناء الليل وأطراف النّهار مزدلف أرباب الحوائج ؛ من عافٍ يستمنحه برَّه ، إلى عليلٍ يتطلّب عافيته ، إلى مُضطَهدٍ يتحرّى كشف ما به من غمٍّ ، إلى خائفٍ ينضوي إلى حمى أمنه ، إلى أنواع من أهل المقاصد المتنوّعة ، فينكفأ ثلج الفؤاد بنُجح طلبته ، قرير العين بكفاية أمره إلى مُتنجّز بإعطاء سؤله ، كلّ هذا ليس على اللّه بعزيز ، ولا من المُقرّبين من عباده ببعيد.
ولكثرة كراماته وآيات مرقده التي لا يأتي عليها الحصر ، نذكر بعضاً منها تيمّناً ؛ ولئلاّ يخلو الكتاب منها ، وتعريفاً للقرَّاء بما جاد به قطبُ السّخاءعلى مَن لاذ به واستجار بتربته :
الاُولى : ما يُحدّث به الشيخ الجليل العلاّمة المتبحّر الشيخ عبد الرحيم التستري ، المُتوفّى سنة ١٣١٣ هـ ، من تلامذة الشيخ الأنصاري أعلى اللّه مقامه ، قال :
زرتُ الإمام الشهيد أبا عبد اللّه الحسين عليهالسلام ، ثُمّ قصدت أبا الفضل العبّاس عليهالسلام ، وبينا أنا في الحرم الأقدس إذ رأيتُ زائراً من الأعراب