ومعه غلامٌ مشلولٌ ، وربطه بالشباك ، وتوسّل به وتضرّع ، وإذا الغلام قد نهض وليس به علّة ، وهو يصيح : شافاني العبّاس. فاجتمع النّاس عليه ، وخرّقوا ثيابه للتبرّك بها.
فلمّا أبصرت هذا بعيني ، تقدّمت نحو الشباك وعاتبته عتاباً مُقذعاً ، وقلت : يغتنم (المعيدي) الجاهل منك المُنى وينكفأ مسروراً ، وأنا مع ما أحمله من العلم والمعرفة فيك ، والتأدّب في المثول أمامك ، أرجع خائباً لا تقضي حاجتي؟! فلا أزورك بعد هذا أبداً. ثُمّ راجعتني نفسي ، وتنبّهت لجافّي عتبي ، فاستغفرت ربي سبحانه ممّا أسأت مع (عباس اليقين والهداية).
ولمّا عُدت إلى النّجف الأشرف ، أتاني الشيخ المرتضى الأنصاري ، قدّس اللّه روحه الزاكية ، وأخرج صرّتين ، وقال : هذا ما طلبته من أبي الفضل العبّاس ، اشتري داراً ، وحجّ البيت الحرام ، ولأجلهما كان توسّلي بأبي الفضل (١).
ومَا عَجِبتُ مِنْ أبي الفَضلِ كَما |
|
عَجبتُ مِنْ اُستَاذِنَا إذ عَلما |
لأنّ شِبلَ المُرتَضى لَمْ يَغربِ |
|
إذا أتى بمُعجِزٍ أو مُعْجَبِ |
بِكُلِّ يَومٍ بَلْ بِكُلِّ سَاعهْ |
|
لَمَن أتَاهُ قَاصِداً رِبَاعَهْ |
وهُوَ مِن الشَّيخِ عَجِيبٌ بَيّنْ |
|
لكنَّ نُورَ اللّهِ يَرنُو المُؤمِنْ (٢) |
الثانية : ما في أسرار الشهادة ص ٣٢٥ ، قال : حدّثني السيّد
__________________
(١) طُبعت هذه الكرامة مع صلاة الشيخ الأنصاري ، وذكرها في الكبريت الأحمر ج ٣ ص ٥٠ ، قال : وذكرها عنه جماعة من أكابر العلماء والثّقات المُتديّنين.
(٢) للعلاّمة الشيخ محمّد السّماوي.