اللّه تعالى أنْ يقف بعرفات ، وإنّما هي مواطن يُحبّ اللّه أنْ يُذكر فيها ، وأنا اُحبّ أنْ يُدعَى لي حيثُ يُحبُّ اللّهُ أنْ يُدعَى فيها» (١).
والغرض من هذا كلِّه ، التعريف بأنّه لم يجب في التكوينات إلاّ جري الاُمور على مجاريها العاديّة وأسبابها الطبيعيّة ، وأنّه لا غناء عنها لأيّ أحد ، وأنّ الأئمّة من أهل البيت عليهمالسلام وإنْ أمكنهم إعمال ما أقدرهم عليه اللّه سبحانه من التصرّفات حسبما يُريدون ، لكنّهم في جميع أدوارهم مُقتدى الاُمّةِ ، ومُسيّروهم إلى ما يُراد منهم من أمر الدِّين والدُّنيا ، فعلى نهجهم يسير النّاس ، وبأفعالهم يتأسّى البشر ، وبإرشادهم تُرفع حُجبُ الأوهام.
وعلى هذا الأساس مشى أمير المؤمنين عليهالسلام في اختيار الزوجة الصالحة.
__________________
(١) الكافي ٤ / ٥٦٧ ، ٥٦٨ ، ح ٣ ، كامل الزيارات / ٤٥٩ ، ح [٦٩٧] ١ ، وسائل الشيعة ١٤ / ٥٣٨ ح (١٩٧٧٥) ٣ ، ونصُّ الرواية كالتالي : «عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أبي هاشم الجعفري قال : بعث إليّ أبو الحسن عليهالسلام في مرضه ، وإلى محمّد بن حمزة ، فسبقني إليه محمّد بن حمزة وأخبرني محمّد : مازال يقول : «ابعثوا إلى الحير ، ابعثوا إلى الحير».
فقلتُ لمحمّد : ألا قلت له أنا أذهب إلى الحير. ثمّ دخلت عليه ، وقلت له : جُعلت فداك! أنا أذهب إلى الحير؟ فقال : «انظروا في ذاك». ثمّ قال لي : «إنّ محمّداً ليس له سرٌّ من زيد بن علي ، وأنا أكره أنْ يسمع ذلك».
قال : فذكرت ذلك لعليِّ بن بلال ، فقال : ما كان يصنع [بـ] الحير وهو الحير.
فقدمت العسكر ، فدخلت عليه ، فقال لي : «اجلس». حين أردت القيام ، فلمّا رأيتُه أنِس بي ، ذكرتُ له قول علي بن بلال.
فقال لي : «ألا قلتَ له : إنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله كان يطوف بالبيت ويُقبّل الحَجَر ، وحرمةُ النّبيِّ والمؤمن أعظم من حرمة البيت. وأمَرَه اللّه عزّ وجل أنْ يقف بعَرَفة ، وإنّما هي مواطن يُحبّ اللّه أنْ يُذكر فيها ، فأنا اُحبُّ أنْ يُدعى [اللّه] لي حيث يُحب اللّه أنْ يُدعى فيها ...».