عبد المُطّلب : وقد برز إليه عثمان بن وائل الحميري فقتله العبّاس ، فبرز إليه أخوه حمزة ـ وكان شجاعاً قوياً ـ فنهاه أمير المؤمنين عليهالسلام عن مبارزته ، وقال له : «انزعْ ثيابَكَ وناولنِي سلاحَكَ وقفْ مكانَكَ ، وأنا أخرجُ إليهِ». فتنكّر أمير المؤمنين عليهالسلام وبرز إليه وضربه على رأسه ، فقطع نصف رأسه ووجهه وإبطه وكتفه ، فتعجّب اليمانيُّون من هذه الضربة وهابوا العبّاس بن الحارث (١).
هذا ما حدّث به في المناقب ، ومنه نعرف أنّ هناك واقعتين جرتا لأمير المؤمنين عليهالسلام مع ولده العبّاس ومع العبّاس بن الحارث.
فإنكار شيخنا الجليل المُحدّث النّوري في حضور العبّاس في صفّين ، مُدّعياً اشتباه الأمر على بعض الرواة بالعبّاس بن الحارث ، في غير محلّه ؛ فإنّ الحجّة على تفنيد الخبر غير تامّة ; لأنّ آحاد هذا البيت ورجالاتهم قد فاقوا الكُلَّ في الفضائل جميعها ، وجاؤوا بالخوارق في جميع المراتب ، فليس من البِدع إذا صدر من أحدهم ما يمتنع مثله عن الشجعان وإنْ لم يبلغوا مبالغ الرجال.
فهذا القاسم بن الحسن السّبط عليهالسلام لم يبلغ الحلم يوم الطَّفِّ ، وقد ملأ ذلك المشهد الرهيب هيبةً ، وأهدى إلى قلوب المقارعين فَرَقاً ، وإلى الفرائص ارتعاداً ، وإلى النّفوس خَوراً ، غير مبالٍ بالجحفل الجرّار ، ولا بمكترثٍ بمزدحم الرجال حتّى قتل خمسة وثلاثين فارساً (٢) ، وبطبع الحال فيهم مَن هو أقوى منه ، لكنّ البسالةَ وراثةٌ بين أشبال (علي عليهالسلام على حدٍّ سواء ، فهم فيها كأسنان المشط ، صغيرهم
__________________
(١) المناقب للخوارزمي / ٢٣١ ، والنّقل بالمعنى.
(٢) لواعج الأشجان للأمين / ١٧٤ ، بحار الأنوار ٤٥ / ٣٤ ، وفيه : فقَتلَ على صغر سنّه خمسة وثلاثين رجلاً. بدلَ فارسٍ.