وكبيرهم ، كما أنّهم في الأنفة عن الدنية سيان ، فلم يغتالوا الشبل الباسل حتّى وقف يشدُّ شسع نعله ، وهو لا يزن الحرب إلاّ بمثله ، وقد أنف (شبل الوصيِّ) أنْ يحتفي في الميدان.
أهوى يشدُّ حذاءَهُ |
|
والحربُ مُشرعةٌ لأجْلِهْ |
ليَسُومَها ما إنْ غلتْ |
|
هَيْجاؤهَا بِشراكِ نَعْلِهْ |
مُتقلِّداً صمْصامَه |
|
مُتفيِّئاً بظلالِ نصْلِهْ |
لا تَعْجَبنَّ لفعِلهِ |
|
فالفرعُ مُرتَهنٌ بأصلِهْ |
السّحُب يَخلفُها الحَيا |
|
والليّثُ مَنظورٌ بشبلِهْ |
يُردِي الطَّليعةَ مِنهُمُ |
|
ويُريهُمُ آياتَ فِعْلِهْ (١) |
وهذا عبد اللّه بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب ، بارز يوم الطَّفِّ الاُلوف مع صغر سنِّه حتّى قتل منهم ـ على رواية محمّد بن أبي طالب ـ ثلاثةً وتسعين رجلاً ، بثلاث حملات.
وهذا محمّد بن الحنفيّة ، فإنّ له مواقفاً محمودة في الجمل وصفِّين والنّهروان ، وكانت الراية معه ، فأبلى بلاءً حسناً سجَّله له التاريخ وشكره الإسلام ، وكان صغير السّنِّ على ما يظهر من السّبط في تذكرة الخواصّ ، وابن كثير في البداية ج ٩ ص ٣٨ (٢) ، فإنّهما نصّا على وفاته سنة ٨١ عن خمسٍ وستّين ، فتكون ولادته سنة ١٦ للهجرة ، وله يوم البصرة الواقع سنة ٣٦ هـ عشرون سنة.
وحينئذ فلا غرابة في التحدّث عن موقف أبي الفضل عليهالسلام وما أبداه من كرٍّ وإقدام ؛ خصوصاً بعد ما أوقَفَنا النّص النّبوي الآتي على ما حواه وُلدُ أبي طالب من بسالة وبطولة.
__________________
(١) للعلاّمة السيّد مير علي أبو طبيخ رحمهالله.
(٢) البداية والنّهاية لابن كثير ٩ / ٣٢ ، تذكرة الخواصّ ٢ / ٢٩٨.