فَهو يدُ اللّهِ وهذا ساعدُه |
|
تُغنِيكَ عَنْ إثباتِهِ مشاهدُهْ |
صَولتُهُ عندَ النّزالِ صولتُهْ |
|
لولا الغُلوُّ قُلتُ جلَّتْ قُدرتُه |
وهل في وسع الشاعر أنْ ينضد خياله ، أو يتسنّى للكاتب أنْ يسترسل في وصف تلك البسالة الحيدريّة ، وجوهر الحقيقة قائمٌ بنفسه ، ماثلٌ أمامَ الباحث بأجلى مِن كُلّ هاتيك المعرفات في مشهد يوم الطَّفِّ؟!
ولَعمري ، إنّ حديث كربلاء لم يُبقِ لسابقٍ في الشجاعة سبقاً ، ولا للاحقٍ طريقاً إلاّ الالتحاق به ، فلقد استملينا أخبار الشجعان في الحروب والمغازي يوم شأوا الأقران في الفروسيّة ، فلم يعدهم في الغالب الاستظهار بالعدد ، وتوفّر العتاد ، وتهيء ممدّات الحياة من المطعم والمشرب ، وفي الغالب إنّ الكفاية بين الجيشين المتقابلين موجودة.
يسترسل المؤرّخون لذكر شجعان الجاهليّة والحالة كما وصفناها ، واهتزّوا طرباً لقصة ربيعة بن مكدم ، وهي : إنّ ربيعة بن مكدم بن عامر بن حرثان من بني مالك بن كنانة كان أحد فرسان مضر المعدودين ، خرج بالظعينة وفيها اُمّه اُمّ سنان من بني أشجع بن عامر بن ليث بن بكر بن كنانة ، واُخته اُمّ عزَّة ، وأخوه أبو القرعة ، ورأى الظعينة دُريد بن الصمّة ، فقال لرجل معه : صح بالرجل أنْ خَلِّ الظعينة وانجُ بنفسك. وهو لا يعرفه. فلمّا رأى ربيعة أنّ الرجل قد ألحّ عليه ، ألقى زمام النّاقة وحمل على الرجل فصرعه ، فبعث دريد آخر فصرعه ربيعة ، فبعث الثالث ليعلم خبر الأوَّلَين فقتله ربيعة وقد انكسر رمحه ، فلمّا وافاه دُريد ورأى الثلاثة صرعى ورمحه مكسوراً ، قال له : يا فتى ، مثلُكَ لا يُقتل ، وهؤلاء يثأرون ولا رمح لك ، ولكنْ