وتضوّرٍ ونشيج ، ومُتطلّبٍ للماء إلى متحرٍّ ما يبلّ غلته ، وكُلُّ ذلك بعين (أبي علي عليهالسلام والغيارى من آله ، والأكارم من صحبه ، وما عسى أنْ يجدوا لهم وبينهم وبين الماء رماحٌ مُشرعة وبوارقٌ مُرهفة في جمعٍ كثيف يرأسهم عمرو بن الحجّاج ، لكنْ (ساقي العِطاشى) لمْ يتطامن على تحمّل تلك الحالة.
أَو تَشتَكي العَطشَ الفَواطمُ عِندَهُ |
|
وَبصدرِ صعدَتِهِ الفراتُ المُفعمُ |
وَلو اِستَقَى نَهرَ المَجرَّةِ لارتَقَى |
|
وَطَويلُ ذابلِهِ إِلَيها سُلمُ |
لَو سَدُّ ذي القَرنينِ دُونَ ورودِهِ |
|
نَسَفتْهُ هِمَّتُهُ بِما هوَ أَعظَمُ |
في كَفِّهِ اليُسرى السَّقاءُ يقلُّهُ |
|
وَبِكَفِّهِ اليُمنَى الحسامُ المِخْذَمُ |
مثل السَّحابةِ لِلفَواطمِ صَوبُهُ |
|
ويُصيبُ حاصبُهُ العَدوَّ فَيُرجَمُ |
هناك قيّض الحسين عليهالسلام لهذه المُهمّة أخاه العبّاس ، في حين أنّ نفسه الكريمة تُنازعه إلى ذلك قبل الطلب ، ويحدوه إليه حفاظه المُرُّ ، فأمره أنْ يستقي للحرائر والصبية وإنْ كان دونه شقّ المرائر وسفك المُهج ، وضمّ إليه ثلاثين فارساً وعشرين راجلاً ، وبعث معهم عشرين قربة ، وتقدّم أمامهم نافع بن هلال الجملي ، فمضوا غير مبالين وكُلّ بحفظ الشريعة ; لأنّهم محتفون بشتيم من آل محمّد صلىاللهعليهوآله ، فتقدّم نافع باللّواء ، وصاح به عمرو بن الحجّاج : مَن الرجل؟ وما جاء بك؟
قال : جئنا نشرب من هذا الماء الذي حلأتمونا عنه.
فقال له : اشرب هنيئاً.
قال نافع : لا واللّه ، لا أشرب منه قطرة والحسين ومَن ترى من آله وصحبه عِطاشا.
فقال : لا سبيل إلى سقي هؤلاء ، وإنّما وُضعنا هاهنا لنمنعهم