ويرتاح الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج ٤ ص ٤٢٣ إلى حديث الوركاني بوقوع المآتم والنّوح في أربعة أصناف من النّاس : المسلمين ، واليهود ، والنّصارى ، والمجوس ، يوم وفاة أحمد بن حنبل (١).
ولا يكون هذا من البدعة والشناعة والخروج عن أخلاق المؤمنين! كما تحاملوا بذلك على الشيعة في إقامتهم المآتم والنّياحة على سليل الرسول صلىاللهعليهوآله وريحانته حتّى قال الغزالي في مكاشفة القلوب ص ١٨٧ : إيّاك أنْ تشتغل ببدع الرافضة من النّدب والنّياحة والحزن ؛ فإنّ ذلك ليس من أخلاق المؤمنين!!
وضرب على وتره غير واحد من المؤرّخين.
وما ذنب الشيعة والمُشرّع الأعظم صلىاللهعليهوآله بكى على ولده الحسين عليهالسلام وهو حيٌّ يُرزق لمُجرّد تذكّر ما يجري عليه ، فيخرج إلى المسجد ودموعه جارية ، فتبكي الصحابة لبكائه ، وفيهم : أبو بكر وعمر ، وأبو ذر وعمّار ، ويُسأل عن سبب بكائه ، فيقول صلىاللهعليهوآله : «الآن حدّثني جبرائيلُ بما يجري على الحسين» (٢).
ويمرّ أمير المؤمنين عليهالسلام بوادي كربلاء في ذهابه إلى صفّين ، فيقف هناك ويرسل عبرته ، ويقول : «هذا مناخُ ركابِهمْ ، ومهراقُ دمائِهمْ ، طوبى لكِ منْ تُربةٍ تُراقُ عليك دماءُ الأحبّة!» (٣).
__________________
(١) تاريخ بغداد ٥ / ١٨٨ ، الجرح والتعديل للرازي ١ / ٣١٣ ، تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ٥ / ٣٣٣ ، تهذيب الكمال للمزّي ١ / ٤٦٨.
(٢) الخصائص الكبرى للسيوطي ٢ / ١٢٥.
(٣) قرب الإسناد / ٢٦ ، كامل الزيارات / ٤٥٣ ، ذخائر العقبى / ٩٧ ، بحار الأنوار ٤١ / ٢٩٥ ، كشف الغُمَّة ٢ / ٢٢٢ ، الخصائص الكبرى للنسائي ٢ /